تناقضهما فصاروا متحيرين أَو معرضين عَن التَّصْدِيق بهما جَمِيعًا أَو متناقضين مَعَ هَذَا تَارَة وَمَعَ هَذَا تَارَة
وَهَذَا تَجدهُ فِي مسَائِل الْكَلَام والاعتقادات ومسائل الْإِرَادَة والعبادات كَمَسْأَلَة السماع الصوتي وَمَسْأَلَة الْكَلَام ومسأئل الصِّفَات وَكَلَام الله وَغير ذَلِك من الْمسَائِل
وجماع القَوْل فِي ذَلِك أَن كل أَمريْن تَعَارضا فَلَا بُد أَن يكون أَحدهمَا راجحا أَو يَكُونَا متكافئين فَيحكم بَينهمَا بِحَسب الرجحان ويحسب التكافؤ فالعملان والعاملان إِذا امتاز كل مِنْهُمَا بِصِفَات فَإِن ترجح أَحدهمَا فَهُوَ الرَّاجِح وَإِن تكافئا سوى بَينهمَا فِي الْفضل والدرجة وَكَذَلِكَ أَسبَاب الْمصَالح والمفاسد وَكَذَلِكَ الْأَدِلَّة بِأَنَّهُ يعْطى كل دَلِيل حَقه وَلَا يجوز أَن تَتَكَافَأ الْأَدِلَّة فِي نفس الْأَمر عِنْد الْجُمْهُور لَكِن تَتَكَافَأ فِي نظر النَّاظر وَأما كَون الشئ الْوَاحِد من الْوَجْه الْوَاحِد ثَابتا منتفيا فَهَذَا لَا يَقُوله عَاقل
وأصل هَذَا كُله الْعدْل بالتسوية بَين المتماثلين فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {لقد أرسلنَا رسلنَا بِالْبَيِّنَاتِ وأنزلنا مَعَهم الْكتاب وَالْمِيزَان ليقوم النَّاس بِالْقِسْطِ} [سُورَة الْحَدِيد ٢٥] وَقد بسطنا القَوْل فِي ذَلِك وَبينا أَن الْعدْل جماع الدّين وَالْحق وَالْخَيْر كُله فِي غير مَوضِع
وَالْعدْل الْحَقِيقِيّ قد يكون متعذرا إِمَّا عمله وَإِمَّا الْعَمَل بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute