للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفِعْل لَا وجود لَهُ بل لَا بُد من الرجحان كَمَا قيل مثل ذَلِك فِي تكافؤ الْأَدِلَّة

وعَلى هَذَا فَالْأَمْر الَّذِي ترجحت فِيهِ الْمصلحَة وَأمر بِهِ غلب فِيهِ جَانب الْمحبَّة مَعَ أَن الَّذِي فِيهِ الْمفْسدَة مبغض لكنه مُرَاد فَهُوَ مُرَاد بغيض وَالْأَمر الَّذِي ترجح فِيهِ جَانب الْمصلحَة مَحْبُوب لكنه مُرَاد التّرْك مَحْبُوب فَهُوَ مَحْبُوب فِي نَفسه لَكِن لملازمته لما هُوَ بغيض وَجب أَن يُرَاد تَركه تبعا لكَرَاهَة لَازِمَة فَإِنَّهُ بغض اللَّازِم وَنفى الْمَلْزُوم

فحاصله أَن المُرَاد إِرَادَة جازمة هُوَ أحد الْأَمريْنِ إِمَّا الْفِعْل وَإِمَّا التّرْك وَالْأول هُوَ الْمَأْمُور بِهِ وَالثَّانِي هُوَ المنهى عَنهُ لَكِن مَعَ هَذَا فقد يشْتَمل الْمَفْعُول على بغيض مُحْتَمل ويشتمل الْمَتْرُوك على حبيب مرفوض فَهَذَا أصل نَافِع

فَهَذَا فِي الْفِعْل الْوَاحِد وَأما الْفَاعِل الْوَاحِد الَّذِي يعْمل الْحَسَنَة والسيئة مَعًا وَهُوَ وَإِن كَانَ التَّفْرِيق بَينهمَا مُمكنا لكنه هُوَ يعملهما جَمِيعًا أَو يتركهما جَمِيعًا لكَون محبته لأَحَدهمَا مستلزمة لمحبته للاخرى وبغضه لأَحَدهمَا مستلزما لبغضه لِلْأُخْرَى فَصَارَ لَا يُؤمر إِلَّا بالْحسنِ من الْفِعْلَيْنِ وَلَا ينْهَى إِلَّا عَن السئ مِنْهُمَا وَإِن لزم ترك الْحَسَنَة لَا يَنْبَغِي أَن يَأْمُرهُ فِي مثل هَذَا بِالْحَسَنَة المرجوحة فَإِنَّهُ يكون أمرا بِالسَّيِّئَةِ وَلَا ينهاه

<<  <  ج: ص:  >  >>