واما مقَام الرجل وامثاله فِي ذَلِك الزَّمَان بجبل لبنان فان جبل لبنان وَنَحْوه كَانَ ثغرا للْمُسلمين لكَونه بساحل الْبَحْر مجاورا لِلنَّصَارَى بِمَنْزِلَة عسقلان والاسكندرية وَغَيرهمَا من الثغور وَكَانَ صالحو الْمُسلمين يُقِيمُونَ بالثغور للرباط فِي سَبِيل الله وَمَا ورد من الاثار فِي فضل هَذِه الْبِقَاع فلفضل الرِّبَاط فِي سَبِيل الله واما بعد غَلَبَة النَّصَارَى عَلَيْهَا والقرامطة وَالرَّوَافِض فَلم يبْق فِيهَا فضل وَلَيْسَ بِهِ فِي تِلْكَ الاوقات اُحْدُ من الصَّالِحين وَلَا يشرع فِي ديننَا سُكْنى الْبَوَادِي وَالْجِبَال الا عِنْد الْفِرَار من الْفِتَن اذ كَانَ الْمُقِيم بِالْمِصْرِ يلجأ اليها عِنْد الْفِتْنَة فِي دينه فيهاجر الى حَيْثُ لَا يفتن فَإِن المُهَاجر من هجر مَا نهى الله عَنهُ وَقد بسطنا هَذَا فِي غير الْموضع
قلت فقد ظهر انهم يعنون بغيرة الْحق نَحْو مَا وصف بِهِ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان من غيرته على عَبده ان يَأْتِي مَحَارمه فَيدْخلُونَ فِي ذَلِك مَا لَا يُحِبهُ من فضول الْمُبَاح وَقد يعنون بهَا غيرته على مواجده وعطاياه الَّتِي لأوليائه ان يَضَعهَا فِي غير محلهَا فَجعلُوا الْغيرَة تَارَة فِي امْرَهْ وَنَهْيه وَتارَة فِي قَضَائِهِ وَقدره