فَإِذا لم يُوجد البغض والامتناع فَلَا بُد من معَارض مَانع وَذَلِكَ هُوَ الْمُقْتَضى للإرادة والتمكين فالإنسان قد لَا يُرِيد الشَّيْء وَلَا يكرههُ لعدم سَبَب الارادة وَالْكَرَاهَة فَأَما مَعَ وجود الْمُقْتَضى فَلَا بُد من وجود مُقْتَضَاهُ الا لمَانع فَلهَذَا من لم يبغض وَلم يمْتَنع عَن فعل الْمحرم بِهِ مَعَ قدرته على الِامْتِنَاع فَأَنَّهُ يكون مرِيدا فَاعِلا وَلِهَذَا يُقَال انه مُطَاوع وان كَانَ قد يجْتَمع فِي قلبه البغض لذَلِك والارادة باعتبارين كَمَا يجْتَمع فِي قلب الْمُكْره على الشَّيْء ارادة فعل الْمُكْره عَلَيْهِ وَكَرَاهَة ذَلِك باعتبارين
فَمن أوجر طَعَاما محرما يقدر على الِامْتِنَاع مِنْهُ فَلم يفعل اَوْ فعل بِهِ فَاحِشَة يقدر على الِامْتِنَاع مِنْهَا فَلم يفعل كَانَت مَعْصِيَته بترك مَا وَجب عَلَيْهِ من الْكَرَاهَة والامتناع وبفعل مَا نهى من الارادة والمطاوعة وَلَا يكون غير مُرِيد وَلَا فَاعل الا اذا كَانَ كَارِهًا تَامّ الْكَرَاهَة وَذَلِكَ يُوجب فعل الْمَقْدُور عَلَيْهِ من الِامْتِنَاع
فَأَما اذا كَانَ كَارِهًا كَرَاهَة قَاصِرَة فَإِن الارادة تصْحَب مثل هَذِه الْكَرَاهَة وَفِي مثل هَذَا يصحبها الْفِعْل لَا محَالة لِأَن الْمُقْتَضى لكَمَال الْكَرَاهَة قَائِم وَهُوَ مَا فِي ذَلِك من الْحُرْمَة والعقوبة فَإِذا لم تحصل هَذِه الْكَرَاهَة فإمَّا لضعف الْمُقْتَضى وَهُوَ الْعلم فِي ذَلِك من الْحُرْمَة والعقوبة واما لوُجُود الْمَانِع وَهُوَ نوع من الارادة