أَبَا سُلَيْمَان لما قَالَ هَذِه الْكَلِمَة لَو ألقاني فِي النَّار لَكُنْت بذلك رَضِيا أَن يكون بعض النَّاس حَكَاهُ بِمَا فهمه من المعني أَنه قَالَ الرِّضَا أَن لَا تسْأَل الله الْجنَّة وَلَا تستعيذه من النَّار وَتلك الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا أَبُو سُلَيْمَان مَعَ أَنَّهَا لَا تدل على رِضَاهُ لذَلِك وَلَكِن تدل على عزمه بِالرِّضَا بذلك فَنحْن نعلم أَن هَذَا الْعَزْم لَا يسْتَمر بل يَنْفَسِخ وَأَن هَذِه الْكَلِمَة كَانَ تَركهَا أحسن من قَوْلهَا وَأَنَّهَا مستدركة كَمَا استدركت دَعْوَى سمنون ورويم وَغير ذَلِك فَإِن بَين هَذِه الْكَلِمَة وَتلك فرقا عَظِيما فَإِن تِلْكَ الْكَلِمَة مضمونها إِن من سَأَلَ الله الْجنَّة واستعاذ من النَّار لَا يكون رَاضِيا وَفرق بَين من يَقُول أَنا اذا فعل كَذَا كنت رَاضِيا وَبَين من يَقُول لَا يكون رَاضِيا الا من يطْلب خيرا وَلَا يهرب من شَرّ وَبِهَذَا وَغَيره يعلم أَن الشَّيْخ أَبَا سُلَيْمَان كَانَ أجل من أَن يَقُول مثل هَذَا الْكَلَام فَإِن الشَّيْخ أَبَا سُلَيْمَان من أجلاء المشائخ وساداتهم وَمن اتبعهم للشريعة حَتَّى أَنه قَالَ انه ليمر بقلبي النُّكْتَة من نكت الْقَوْم فَلَا أقبلها الا بِشَاهِدين الْكتاب وَالسّنة فَمن لَا يقبل نكت قلبه الا بِشَاهِدين يَقُول مثل هَذَا الْكَلَام وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو سُلَيْمَان أَيْضا لَيْسَ لمن ألهم شَيْئا من الْخَيْر أَن يَفْعَله حَتَّى يسمع فِيهِ بأثر فأذا سمع فِيهِ بأثر كَانَ نورا على نور بل صَاحبه أَحْمد بن أبي الْحوَاري كَانَ من اتبع المشائخ للسّنة فَكيف أَبُو سُلَيْمَان وَتَمام تَزْكِيَة أبي سُلَيْمَان من هَذَا الْكَلَام تظهر بالْكلَام فِي الْمقَام الثَّانِي وَهُوَ قَول الْقَائِل كَائِنا من كَانَ الرِّضَا أَن لَا تسْأَل الله الْجنَّة وَلَا تستعيذه من النَّار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute