للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَلَا يخلوا اما أَن يكون ملتفتا بِقَلْبِه الى الله فِي أَن يفعل بِهِ ذَلِك واما أَن يكون معرضًا عَن ذَلِك فَإِن الْتفت بِقَلْبِه الى الله فَهُوَ طَالب مستعيذ بِحَالهِ وَلَا فرق بَين الطّلب بِالْحَال والقال وَهُوَ بهما أكمل وَأتم فَلَا يعدل عَنهُ وان كَانَ معرضًا عَن جَمِيع ذَلِك فَمن الْمَعْلُوم أَنه لَا يحيى وَيبقى الا بِمَا يُقيم حَيَاته وَيدْفَع مضاره بذلك وَالَّذِي بِهِ يحيى من الْمَنَافِع وَدفع المضار اما أَن يُحِبهُ ويطلبه ويريده من أحد أَو لَا يُحِبهُ وَلَا يَطْلُبهُ وَلَا يُريدهُ فَإِن أحبه وَطَلَبه وأراده من غير الله كَانَ مُشْركًا مذموما فضلا عَن أَن يكون مَحْمُودًا وان قَالَ لَا أحبه وأطلبه وأريده لَا من الله وَلَا من خلقه قيل هَذَا مُمْتَنع فِي الْحَيّ فَإِن الْحَيّ مُمْتَنع عَلَيْهِ أَن لَا يحب مَا بِهِ يبْقى وَهَذَا أَمر مَعْلُوم بالحس وَمن كَانَ بِهَذِهِ المثابة امْتنع أَن يُوصف بِالرِّضَا فَإِن الراضي مَوْصُوف بحب وارادة خَاصَّة اذ الرِّضَا مُسْتَلْزم لذَلِك فَكيف يسلب عَنهُ ذَلِك كُله فَهَذَا وَأَمْثَاله مِمَّا يبين فَسَاد هَذَا الْكَلَام وَأما فِي سَبِيل الله وَطَرِيقه وَدينه فَمن وُجُوه أَحدهمَا أَن يُقَال الراضي لَا بُد أَن يفعل مَا يرضاه الله والا فَكيف يكون رَاضِيا عَن الله من لَا يفعل مَا يرضاه الله وَكَيف يسوغ رضَا مَا يكرههُ الله ويسخطه ويذمه وَيُنْهِي عَنهُ وَبَيَان هَذَا أَن الرِّضَا الْمَحْمُود اما أَن يكون الله يُحِبهُ ويرضاه واما أَن لَا يُحِبهُ ويرضاه فَإِن لم يكن يُحِبهُ ويرضاه لم يكن هَذَا الرِّضَا مَأْمُورا بِهِ لَا أَمر ايجاب وَلَا أَمر اسْتِحْبَاب فَإِن من الرِّضَا مَا هُوَ كفر كرضا الْكفَّار بالشرك وَقتل الْأَنْبِيَاء وتكذيبهم ورضاهم بِمَا يسخطه الله ويكرهه قَالَ تَعَالَى ذَلِك بِأَنَّهُم اتبعُوا مَا أَسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط

<<  <   >  >>