للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(وَلَكِنَّ نَفْسِي إِلَى كُلِّ شَيْءٍ ... مِنَ الْعِلْمِ تَسْمَعُهُ تَنْزَعُ) (فَلا أَنَا أَحْفَظُ مَا قَدْ جَمَعْتُ ... وَلا أَنَا مِنْ جَمْعِهِ أَشْبَعُ) (وَأَحْضُرُ بِالصَّمْتِ فِي مَجْلِسِي ... وَعِلْمِي فِي الْكُتُبِ مَسْتَوْدَعُ) (وَمَنْ يَكُ فِي عِلْمِهِ هَكَذَا ... يَكُنْ دَهْرُهُ الْقَهْقَرَى يَرْجِعُ) (إِذَا لَمْ تَكُنْ حَافِظًا وَاعِيًا ... فَجَمْعُكَ لِلْكُتُبِ لَا يَنْفَعُ) فَقَالَ النّظَّامُ: كَلَّفَ ابْنُ بَشِيرٍ الْكُتُبَ مَا لَا تُكَلَّفُ، إِنَّ الْكُتُبَ لَا تُحْيِي الْمَوْتَى، وَلا تُحَوِّلُ الأَحْمَقَ عَاقِلا والبليد ذَكِيًّا، وَلَكِنَّ الطَّبِيعَةَ إِذَا كَانَ فِيهَا أَدْنَى قَبُولٍ فَالْكُتُبُ تَشْحَذُ وَتَفْتُقُ وَتَرْهُفُ.

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ كُلَّ شَيْءٍ فَيَنْبَغِي لأَهْلِهِ أَنْ يُدَاوُوهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا تَصَوُّرٌ لَهُ لِشَيْءٍ اعْتَرَاهُ.

وَسَمِعَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ رَجُلا يُنْشِدُ: // من الْبَسِيط // (استودع الْعلم قرطاسا فضيعه ... وَبئسَ مُسْتَوْدَعُ الْعِلْمِ الْقَرَاطِيسُ) فَقَالَ: قَاتَلَهِ اللَّه مَا أَشد صيانته بِالْعِلْمِ، وَصِيَانَتَهِ لِلْحِفْظِ، إِنَّ عِلْمَكَ مِنْ رُوحِكَ، وَمَالك من بدنك، فصنها عَلَى قَدْرِ هَذَيْنِ مِنْكَ.

وَكَانَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمد، رَحمَه الله، يَقُولُ: الاحْتِفَاظُ بِمَا فِي صَدْرِكَ أَوْلَى مِنْ

<<  <   >  >>