وأنصرف.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ وَقَلْبُهُ شِعْبٌ مِنَ الشِّعَابِ، ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَنْ يَصِيرَ وَاديا، وَلَا يُوضَعُ فِيهِ شَيْءٌ إِلا الْتَهَمَهُ.
قُلْنَا: يُرِيدُ أَنَّ أَوَّلَ الْحِفْظِ شَدِيدٌ، يَشُقُّ عَلَى الإِنْسَانِ، ثُمَّ إِذَا اعْتَادَ سَهُلَ، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ عَنِ الصُّولِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أُسَامَةَ قَالَ: كَانَ الْعُلَمَاءُ يَقُولُونَ: كُلُّ وِعَاءٍ أَفْرَغْتَ فِيهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضِيقُ، إِلا الْقَلْبَ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا أُفْرِغَ فِيهِ اتَّسَعَ.
وقَالَ أَبُو السَّمْحِ الطَّائِيُّ: كُنْتُ أَسْمَعُ عُمُومَتِي فِي الْمَجْلِسِ يُنْشِدُونَ الشِّعْرَ، فَإِذَا اسْتَعَدْتُهُمْ زَجَرُونِي وَسَبُّونِي، وَقَالُوا: تَسْمَعُ شَيْئًا وَلا تَحْفَظُهُ قَالَ الشَّيْخُ: وَكَانَ الْحِفْظُ يَتَعَذَّرُ عَلَيَّ حِينَ ابْتَدَأْتُ أَرُومُهُ، ثُمَّ عَوَّدْتُهُ نَفْسِي، إِلَى أَنْ حَفِظْتُ قَصِيدَةَ رُؤْبَةَ (وَقَاتِمُ الأَعْمَاقِ خَاوِيَ الْمُخْتَرَقِ ... ) فِي لَيْلَةٍ وَهِيَ قَرِيبٌ مِنْ مِائَتَيْ بَيْتٍ.
وَقَدْ قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا وَضَعْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ قَطُّ، وَلا حَدَّثَنِي أَحَدٌ بِحَدِيثٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute