للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لَهُ، وطبعه بِهِ أغْنى، فَإِن الْقبُول على قدر النشاط، وَالْبُلُوغ على قدر الْعِنَايَة.

وَذكر الْكِفَايَة لِأَن التكسب وَتعذر المعاش مقطعَة، وَالرَّغْبَة إِلَى الرِّجَال مذلة، وَالْحَاجة تميت النَّفس وتفسد الْحس.

وَذكر الْمعلم الحاذق لِأَنَّهُ رُبمَا أَخذ المتعلم سوء عبارَة الْمعلم، وَذَلِكَ إِذا لم يكن حاذقا بطرق التَّعْلِيم، عَالما بِتَقْدِيم المبادئ، وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يحل المتعلم مِنْهُ بطائل، لِأَن الْمُقدم إِذا أخر والمؤخر إِذا قدم، بَطل نظام التَّعْلِيم، وضلت مُقَدمَات الْأُمُور، فَأدى المتعلم ذَلِك، وَإِن اجْتهد إِلَى الْبعد والتأخر، وعَلى قدر الأساس يكون الْبناء.

وَذكر (ثقوب الذِّهْن) لِأَنَّهُ عِلّة الْقبُول وَسبب الْفَهم، والبلادة تنَافِي ذَلِك الْفَهم وَالْقَبُول، والبليد لَا يَنْفَعهُ طول التَّعْلِيم، كالصخر لَا ينْبت فِيهِ بدوام الْمَطَر.

وَذكر (كَثْرَة الْعَمَل) لِكَثْرَة الْعلم، وَكَثْرَة الْعَوَائِق والموانع، وَقصر الْعُمر، فَمن لَا يدأب فِي الطّلب، وَيكثر من الالتماس فِي وَقت الْفَرَاغ، وَقُوَّة الشَّبَاب، قطعته القواطع بعد قَلِيل، فَيبقى صفرا وعاريا عطلا.

قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال:

فَإِذا كَانَ الْعلم مؤنسا فِي الْوحدَة، ووطنا فِي الغربة، وشرفا للوضيع، وَقُوَّة للضعيف، ويسارا للمقتر، ونباهة للمغمور حَتَّى يلْحقهُ بالمشهور الْمَذْكُور، كَانَ من حَقه أَن يُؤثر على أنفس الأعلاق، وَيقدم على أكْرم العقد، وَمن حق من يعرفهُ حق مَعْرفَته أَن يجْتَهد فِي التماسه ليفوز بفضيلته.

فَإِن من كَانَت هَذِه خصاله، كَانَ التَّقْصِير فِي طلبه قصورا، والتفريط فِي تَحْصِيله لَا يكون إِلَّا بِعَدَمِ التَّوْفِيق، وَمن أقصر عَنهُ أَو قصر دونه، فليأذن بخسران الصَّفْقَة، وليقر بقصور الهمة، وليعترف بِنُقْصَان الْمعرفَة، وليعلم أَنه غبن الْحَظ

<<  <   >  >>