. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنّا نُؤَمّلُ عَفْوًا مِنْك تَلْبَسُهُ «١» ... هَذِي الْبَرِيّةِ إذْ تَعْفُو وَتَنْتَصِرُ
فَاغْفِرْ عَفَا اللهُ عَمّا أَنْتَ رَاهِبُهُ ... يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذْ يُهْدَى لَك الظّفَرُ
مِنْ أَحْكَامِ السّبَايَا:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ رَدّ السّبَايَا إلَى هَوَازِنَ، وَأَنّهُ مَنْ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِالرّدّ عَوّضَهُ مِمّا كَانَ بِيَدِهِ، وَاسْتَطَابَ نُفُوسَ الْبَاقِينَ، وَذَلِكَ أَنّ الْمَقَاسِمَ كَانَتْ قَدْ وَقَعَتْ فِيهِمْ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمُنّ عَلَى الْأَسْرَى بَعْدَ الْقَسْمِ، وَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْمَقَاسِمِ، كَمَا فَعَلَ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَهْلِ خَيْبَرَ حِينَ مَنّ عَلَيْهِمْ، وَتَرَكَهُمْ عُمّالًا لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَرْضِهِمْ الّتِي افْتَتَحُوهَا عَنْوَةً، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمُنّ عَلَيْهِمْ، فَيَرُدّهُمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَكِنْ عَلَى أَنْ يُؤَدّوا الْجِزْيَةَ، وَيَكُونُوا تَحْتَ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ، وَالْإِمَامُ مُخَيّرٌ فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْفِدَاءِ وَالْمَنّ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَالْفِدَاءِ بِالنّفُوسِ لَا بِالْمَالِ كَذَلِكَ، قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ هَذَا فِي الرّجَالِ، وَأَمّا الذّرَارِيّ وَالنّسَاءُ، فَلَيْسَ إلّا الِاسْتِرْقَاقُ، أَوْ الْمُفَادَاةُ بِالنّفُوسِ دُونَ الْمَالِ كَمَا تَقَدّمَ.
وَذَكَرَ الْجَارِيَةَ الّتِي أُعْطِيَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَنّهُ بَعَثَ بِهَا إلَى أَخْوَالِهِ مِنْ بَنِي جُمَحٍ لِيُصْلِحُوا لَهُ مِنْهَا كَيْ يُصِيبَهَا، وَهَذَا لِأَنّهَا كَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ، لِأَنّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ وَثَنِيّةٍ وَلَا مَجُوسِيّةٍ بِمِلْكِ يَمِينٍ، وَلَا بِنِكَاحٍ حَتّى تُسْلِمَ، وإن
(١) فى الأصل: منك عفوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute