كَانَتْ عِنْدَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أُمُّ الْبَنِينَ وَكَانَ لَهَا مِنْ قَلْبِهِ مَوْضِعٌ قَالَ فَقُدِمَ عَلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ مِصْرَ بِجَوْهَرٍ لَهُ قَدْرٌ وَقِيمَةٌ
قَالَ فَدَعَا خَصِيًّا لَهُ فَقَالَ اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى أُمِّ الْبَنِينَ وَقُلْ لَهَا أُتِيتُ بِهِ السَّاعَةُ فَبَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكِ قَالَ فَأَتَاهَا الْخَادِمُ فَوَجَدَ عِنْدَهَا وَضَّاحَ الْيَمَنِ وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الْعَرَبِ وَأَحْسَنِهِمْ وَجْهًا فَعَشِقَتْهُ أُمُّ الْبَنِينَ فَأَدْخَلَتْهُ عَلَيْهَا فَكَانَ يكون عِنْدهمَا فَإِذَا أَحَسَّتْ بِدُخُولِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَيْهَا أَدْخَلَتْهُ فِي صُنْدُوقٍ مِنْ صَنَادِيقِهَا فَرَآهُ الْغُلامُ وَرَأَى الصُّنْدُوقَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ فَوَضَعَ الْجَوْهَرَ بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَبْلَغَهَا رِسَالَةَ يَزِيدَ ثُمَّ قَالَ يَا سَيِّدَتِي هَبِي لِي مِنْهُ لُؤْلُؤَةً قَالَتْ لَا وَلا كَرَامَةً
فَغَضِبَ وَجَاءَ إِلَى مَوْلاهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَيْهَا وِعَنْدَهَا رَجُلٌ فَلَمَّا رَأَتْنِي أَدْخَلَتْهُ صُنْدُوقًا وَهُوَ فِي الصُّنْدُوقِ الَّذِي مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ الثَّالِثُ أَوِ الرَّابِعُ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ جأوا عُنُقه فوجأوا عُنُقه وَنَحْوه عَنهُ
قَالَ فَأَمْهَلَ قَلِيلا ثُمَّ قَامَ فَلِبِسَ نَعْلَهُ وَدَخَلَ عَلَى أُمِّ الْبَنِينَ وَهِيَ تَمْتَشِطُ فِي خَزَانَتِهَا فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الصُّنْدُوقِ الَّذِي وَصَفَ لَهُ الْخَادِمُ فَقَالَ يَا أُمَّ الْبَنِينَ مَا أَحَبَّ إِلَيْكِ هَذَا الْبَيْتِ قَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْخُلُهُ لِحَاجَتِي وَفِيهِ خَزَانَتِي فَمَا أَرَدْتُ مِنْ شَيْءٍ أَخَذْتُهُ مِنْ قُرْبٍ قَالَ فَمَا فِي هَذِهِ الصَّنَادِيقِ الَّتِي أَرَاهَا قَالَتْ حِلْيَتِي وَأَثَاثِي قَالَ فَهِبِي لِي مِنْهَا صُنْدُوقًا فَقَالَتْ كُلُّهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَ قَالَ لَا أُرِيد إِلَّا وَاحِد وَلَكِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكِ زِنَتَهُ وَزِنَةَ مَا فِيهِ ذَهَبًا قَالَتْ فَخُذْ مَا شِئْتَ قَالَ هَذَا الَّذِي تَحْتِي قَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُدْ عَنْ هَذَا وَخُذْ غَيْرَهُ فَإِنَّ لِي فِيهِ شَيْئًا يَقَعُ بِمَحَبَّتِي قَالَ مَا أُرِيدُ غَيْرَهُ فَقَالَتْ هُوَ لَكَ
قَالَ فَأَخَذَهُ وَدَعَا الْفَرَّاشِينَ فحملوا الصندوق فَمضى بِهِ إِلَى مَجْلِسه فَجَلَسَ وَلم يَفْتَحهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute