الرَّأْسِ حَتَّى قَعَدَ مُسْتَخْفِيًا فَدَعَوْتُ قَيَّمَةَ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ انْطَلِقِي السَّاعَةَ فَأَصْلِحِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَحْسَنَ مَا أَمْكَنَ وَعَجِّلِي بِهَا إِلَيَّ فَلَمَّا جَاءَتْ بِهَا نَزَلْتُ قَابِضًا عَلَى يَدِهَا وَفَتَحْتُ الْبَابَ ثُمَّ حَرَّكْتُ الرَّجُلَ فَانْتَبَهَ مَذْعُورًا فَقُلْتُ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ خُذْ بِيَدِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ هِيَ لَكَ فَإِذَا هَمَمْتَ بِبَيْعِهَا فَارْدُدْهَا إِلَيَّ فَدُهِشَ الْفَتَى وَلُبِطَ بِهِ فَدَنَوْتُ إِلَى أُذُنِهِ فَقُلْتُ وَيْحَكَ قَدْ أَظْفَرَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبُغْيَتِكَ فَانْصَرِفْ إِلَى مَنْزِلِكَ فَإِذَا الْفَتَى مَيِّتٌ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ وَهَانَتِ الْجَارِيَةُ فِي عَيْنِي وَكَرِهْتُ أَنْ أُوَجِّهَ بِهَا إِلَى يَزِيدَ فَيَعْلَمَ حَالَهَا أَوْ تُخْبِرَهُ عَنْ نَفْسِهَا فَيَحْقِدَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَمَكَثَتْ مُدَيْدَةً ثُمَّ مَاتَتْ وَلا أَظُنُّهَا مَاتَتْ إِلا كَمَدًا وَأَسَفًا عَلَى الْفَتَى
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ بَعْضِ إِخَوَانِي هَلْ لَكَ فِي عَاشِقٍ تَرَاهُ
فَمَضَيْتُ مَعَهُ فَرَأَيْتُ فَتًى كَأَنَّمَا نُزِعَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ وَهُوَ مُتَّزِرٌ بِإِزَارٍ مُرْتَدٍ بِآخَرَ وَإِذَا هُوَ مُفَكِّرٌ وَفِي سَاعِدِهِ وَرْدَةٌ فَذَكَرْنَا لَهُ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ فَتَهَيَّجَ وَقَالَ
جَعَلْتُ مِنْ وَرْدَتِهَا ... تَمِيمَةً فِي عَضُدِي
أَشُمُّهَا مِنْ حُبِّهَا ... إِذَا عَلانِي جَهْدِي
فَمَنْ رَأَى مِثْلِي فَتًى ... بِالْحُزْنِ أَضْحَى مُرْتَدِي
أَسْقَمَهُ الْحُبُّ وَقَدْ ... صَارَ قَلِيلَ الأَوَدِ
وَصَارَ سَاهٍ دَهْرَهُ ... مُقَارِنًا لِلْكَمَدِ
أَلا فَمَنْ يَرْحَمُ أَوْ ... يَرِقُّ لِي مِنْ كَمَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute