للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهِ فَإِنَّ عَلَيْهَا الْمُعَوِّلَ وَالسُّكُونَ إِلَيْهَا وَبِطَاعَةِ مَنْ يَمْلِكُ رِقَّكِ فَإِنَّهَا مَضْمُومَةٌ إِلَى طَاعَةِ رَبِّكِ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعِي الْفِكْرَ فِي أَمْرِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا فَرَجًا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ بِالَّذِي تَطِيبُ نَفْسِي بِنَيْلِ شَيْءٍ أُحِبُّهُ أَبَدًا فِي مُلْكِي فَأُمْنَعُهُ أَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ حَرَامًا بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَكِنْ أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ عَلَى أَمْرِي فَلْيَكُنْ هَذَا آخِرُ رُسُلُكِ إِلَيَّ وَلا تَعُودِي فَإِنِّي أَكْرَهُ وَاللَّهِ أَنْ يَرَانِي اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَا فِي قَبْضَتِهِ مُلْتَمِسًا أَمْرًا يَكْرَهُهُ مِنِّي

فَعَلَيْكِ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهَا عِصْمَةٌ لأَهْلِ طَاعَتِهِ وَفِيهَا سُلُوٌ عَنْ مَعْصِيَتِهِ قَالَ ثُمَّ لَزِمَ الاجْتِهَادَ الشَّدِيدَ وَلَبِسَ الشَّعْرَ وَتَوَّحَدَ فَكَانَ لَا يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ إِلا مِنْ لَيْلٍ إِلَى لَيْلٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَشْغُولُ الْقَلْبِ بِذِكْرِهَا مَا يَكَادُ يُفَارِقُهُ

فَوَاللَّهِ مَا زَالَ الأَمْرُ بِهِ حَتَّى قَطَّعَهُ فَهُوَ الآنَ ذَاهِبُ الْعَقْلِ وَالِهٌ فِي مَنْزِلِهِ

قَالَ ثُمَّ صِرْنَا إِلَى الْبَابِ فَاسْتَأْذَنَّا فَأُذِنَ لَنَا

قَالَ عَلِيٌّ فَدَخَلْتُ إِلَى دَارٍ قَوْرَاءَ سَرِيَّةٍ وَإِذَا أَنَا بِشَابٍّ فِي وَسَطِ الدَّارِ على حَصِير متزر بإزار مُرْتَد بآخر

قَالَ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يُرُدَّ عَلَيْنَا السَّلامَ فَجَلَسْنَا إِلَى جَنْبِهِ فَإِذَا هُوَ مِنْ أَجْمَلِ مَنْ رَأَيْتُ وَجْهًا وَهُوَ مُطْرِقٌ يَنْكِتُ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى سَاعِدِهِ ثُمَّ يَتَنَفَّسُ الصَّعْدَاءَ حَتَّى أَقُولَ قَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كَالْخَلالِ مِنْ شِدَّةِ الضُّرِّ الَّذِي بِهِ

قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِوَرْدَةٍ حَمْرَاءَ مَشْدُودَةٍ فِي عَضُدِهِ قَالَ فَقُلْتُ لِصَاحِبِي مَا هَذِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ الْعَامَ وَرْدًا قَبْلَ هَذِهِ فَقَالَ أَظُنُّ فُلانَةً سَمَّاهَا بَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا سَمَّاهَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْنَا ثُمَّ قَالَ

جَعَلْتُ مِنْ وَرْدَتِهَا ... تَمِيمَةً فِي عَضُدِي

أَشُمُّهَا مِنْ حُبِّهَا ... إِذَا عَلانِي كَمَدِي

<<  <   >  >>