فَمَنْ رَأَى مِثْلِي فَتًى ... بِالْحُزْنِ أَضْحَى مُرْتَدِي
أَسْقَمَهُ الْحُبُّ فَقَدْ ... صَارَ حَلِيفَ الأَوَدِ
وَصَارَ سَهْوًا دَهْرُهُ ... مُقَارِنًا لِلْكَمَدِ
قَالَ ثُمَّ أطرق فَقلت السَّاعَة وَالله يَمُوت
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَوَرَدَ على من أمره مالم أَتَمَالَكْ وَقُمْتُ أَجُرُّ رِدَائِي فَوَاللَّهِ مَا بَلَغْتُ الْبَابَ حَتَّى سَمِعْتُ الصُّرَاخَ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالُوا مَاتَ وَاللَّهِ
قَالَ عَلِيٌّ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَشْهَدَهُ
قَالَ وَتَسَامَعَ النَّاسُ فَجَاءُوا بِطَبِيبٍ فَقَالَ خُذُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِكُمْ فَقَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ فَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَدَفَنُوهُ وَانْصَرَفَ النَّاسُ فَقَالَ لِي صَاحِبِي امْضِ بِنَا فَقُلْتُ امْضِ أَنْت فَإِنِّي أُرِيد الْجُلُوس هَا هُنَا سَاعَةً فَمَضَى فَمَا زِلْتُ أَبْكِي وَأَعْتَبِرُ بِهِ وَأَذْكُرُ أَهْلَ مَحَبَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا هُمْ فِيهِ
قَالَ فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ كَأَنَّهَا مَهَاةٌ وَهِيَ تُكْثِرُ الالْتِفَاتَ فَقَالَتْ لِي يَا هَذَا أَيْنَ دُفِنَ هَذَا الْفَتَى قَالَ عَلِيٌّ فَرَأَيْتُ وَجْهَهَا مَا رَأَيْتُ قَبْلَهُ مِثْلَهُ فَأَوْمَأْتُ إِلَى قَبْرِهِ
قَالَ فَذَهَبت إِلَيْهِ فوَاللَّه ماتركت عَلَى الأَرْضِ كَثِيرَ تُرَابٍ إِلا أَلْقَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا وَجَعَلَتْ تَتَمَرَّغُ فِيهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهَا سَتَمُوتُ فَمَا كَانَ أَسْرَعَ مِنْ أَنْ طَلَعَ الْقَوْمُ يَسْعَوْنَ حَتَّى جَاءُوا إِلَيْهَا وَأَخَذُوهَا فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهَا فَقُمْتُ إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ رِفْقًا بِهَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ قَالَتْ دَعْهُمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ يَبْلُغُوا هِمَّتَهُمْ فَوَاللَّهِ لَا انْتَفَعُوا بِي أَبَدًا بَعْدَهُ أَيَّامَ حَيَاتِي فَلْيَصْنَعُوا بِي مَا شَاءُوا
فَإِذَا هِيَ الَّتِي كَانَ يُحِبُّهَا الْفَتَى فَانْصَرَفْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute