يَحْيَى بْنُ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَصَفْتُ لِلْمَأْمُونِ جَارِيَةً بِكُلِّ مَا يُوصَفُ بِهِ امْرَأَةً مِنَ الْكَمَالِ وَالْجَمَالِ فَبَعَثَ فِي شِرَائِهَا فَأُتِيَ بِهَا وَقْتَ خُرُوجِهِ إِلَى بِلادِ الرُّومِ فَلَمَّا هَمَّ لِيَلْبِسَ دِرْعَهُ خَطَرَتْ بِبَالِهِ فَأَمَرَ فَأُخْرِجَتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا أُعْجِبَ بِهَا وَأُعْجِبَتْ بِهِ فَقَالَتْ مَا هَذَا قَالَ أُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى بِلادِ الرُّومِ قَالَتْ قَتَلْتَنِي وَاللَّهِ يَا سَيِّدِي وَحَدَرَتْ دُمُوعُهَا عَلَى خَدِّهَا كَنِظَامِ اللُّؤْلُؤِ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ
سَأَدْعُو دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ رَبًّا ... يُثِيبُ عَلَى الدُّعَاءِ وَيَسْتَجِيبُ
لَعَلَّ الله أَنْ يَكْفِيكَ حَرْبًا ... وَيَجْمَعُنَا كَمَا تَهْوَى الْقُلُوبُ
فَضَمَّهَا الْمأْمُونِ إِلَى صَدْرِهِ وَأَنْشَأَ مُتَمَثِّلا يَقُولُ
فَيَا حُسْنَهَا إِذْ يَغْسِلُ الدَّمْعُ كُحْلَهَا ... وَإِذْ هِيَ تُذْرِي الدَّمْعَ مِنْهَا الأَنَامِلُ
صَبِيحَةَ قَالَتْ فِي الْعِتَابِ قَتَلْتَنِي ... وَقَتْلِي بِمَا قَالَتْ هُنَاكَ تُحَاوِلُ
ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ يَا مَسْرُورُ احْتَفِظْ بِهَا وَأَكْرِمْ مَحِلَّهَا وَأَصْلِحْ لَهَا كُلَّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَقَاصِيرِ وَالْخَدَمِ وَالْجَوَارِي إِلَى وَقْتِ رُجُوعِي فَلَوْلا مَا قَالَ الأَخْطَلُ
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرِهُمْ ... دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ
ثُمَّ خَرَجَ فَلَمْ يَزَلْ يَتَعَاهَدُهَا وَيُصْلِحُ مَا أَمَرَ بِهِ فَاعْتَلَّتِ الْجَارِيَةُ عِلَّةً شَدِيدَةً أَشْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهَا وَوَرَدَ نَعْيُ الْمأْمُونِ فَلَمَّا بَلَغَهَا ذَلِكَ تَنَفَّسَتِ الصَّعْدَاءَ وَمَاتَتْ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمُوسَائِيُّ الْعَلَوِيُّ يَقُولُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرُّصَافِيُّ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ إِنِّي خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ أُرِيدُ الْحَجَّ وَإِذَا أَنَا بِفَتًى نَضْوٍ قَدْ نَهَكَهُ السِّقَامُ يَقِفُ عَلَى مَحْمَلٍ محمل وهودج وَهَوْدَجٍ وَيَطَّلِعُ فِيهِ فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ وَمِنْ فِعْلِهِ فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute