فَكيف إِذا أضيف إِلَى الْفلك الْمُحِيط فتفكر فِيمَا قَالَ ابْن السماك للرشيد وَقد دَعَا بِحَضْرَتِهِ بقدح فِيهِ مَاء ليشربه فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَو منعت هَذِه الشربة بكم كنت ترْضى أَن تبتاعها فَقَالَ لَهُ الرشيد بملكي كُله قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَو منعت خُرُوجهَا مِنْك بكم كنت ترْضى أَن تَفْتَدِي من ذَلِك قَالَ بملكي كُله قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أتغتبط بِملك لَا يُسَاوِي بولة وَلَا شربة مَاء وَصدق ابْن السماك رَحمَه الله وَإِن كنت ملك الْمُسلمين كلهم فَاعْلَم أَن ملك السود وَهُوَ رجل أسود رذل مَكْشُوف الْعَوْرَة جَاهِل يملك أوسع من ملكك فَإِن قلت أَنا أَخَذته بِحَق فلعمري مَا أَخَذته بِحَق إِذا اسْتعْملت فِيهِ رذيلة الْعجب وَإِذا لم تعدل فِيهِ فاستحي من حالك فَهِيَ حَالَة رذالة لَا حَالَة يجب الْعجب فِيهَا وَإِن عجبت بِمَالك فَهَذِهِ أَسْوَأ مَرَاتِب الْعجب فَانْظُر فِي كل سَاقِط خسيس هُوَ أغْنى مِنْك فَلَا تغتبط بِحَالَة يفوقك فِيهَا من ذكرت وَاعْلَم أَن عجبك بِالْمَالِ حمق لِأَنَّهُ أَحْجَار لَا تنْتَفع بهَا إِلَّا أَن تخرجها عَن ملكك بنفقتها فِي وَجههَا فَقَط وَالْمَال أَيْضا غاد ورائح وَرُبمَا زَالَ عَنْك ورأيته بِعَيْنِه فِي يَد غَيْرك وَلَعَلَّ ذَلِك يكون فِي يَد عَدوك فالعجب بِمثل هَذَا سخف والثقة بِهِ غرور وَضعف وَإِن أعجبت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute