الصَّبْر وإبطانه فَإِن إِظْهَار الْجزع عِنْد حُلُول المصائب مَذْمُوم لِأَنَّهُ عجز مظهره عَن ملك نَفسه فأظهر أمرا لَا فَائِدَة فِيهِ بل هُوَ مَذْمُوم فِي الشَّرِيعَة وقاطع عَمَّا يلْزم من الْأَعْمَال وَعَن التأهب لما يتَوَقَّع حُلُوله مِمَّا لَعَلَّه أشنع من الْأَمر الْوَاقِع الَّذِي عَنهُ حدث الْجزع فَلَمَّا كَانَ إِظْهَار الْجزع مذموما كَانَ إِظْهَار ضِدّه مَحْمُودًا وَهُوَ إِظْهَار الصَّبْر لِأَنَّهُ ملك للنَّفس وإطراح لما لَا فَائِدَة فِيهِ وإقبال على مَا يعود وَينْتَفع بِهِ فِي الْحَال وَفِي المستأنف وَأما استبطان الصَّبْر فمذموم لِأَنَّهُ ضعف فِي الْحس وقسوة فِي النَّفس وَقلة رَحْمَة وَهَذِه أَخْلَاق سوء لَا تكون إِلَّا فِي أهل الشَّرّ وخبث الطبيعة وَفِي النُّفُوس السبعية الرَّديئَة فَلَمَّا كَانَ مَا ذكرنَا يقبح كَانَ ضِدّه مَحْمُودًا وَهُوَ استبطان الْجزع لما فِي ذَلِك من الرَّحْمَة والشفقة والفهم بِقدر الرزية فصح بِهَذَا أَن الِاعْتِدَال هُوَ أَن يكون الْمَرْء جزوع النَّفس صبور الْجَسَد بِمَعْنى أَنه لَا يظْهر فِي وَجهه وَلَا فِي جوارحه شَيْء من دَلَائِل الْجزع وَلَو علم ذُو الرَّأْي الْفَاسِد مَا استضر بِهِ من فَسَاد تَدْبيره فِي السالف لأنجح بِتَرْكِهِ اسْتِعْمَاله فِيمَا يسْتَأْنف وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute