للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متلفه، ذكر هذا النووي (١)، وقال ابن عبد البر: (والأول -أي تحريم بيعه- تحصيل مذهبه، وهو الصحيح إن شاء الله) (٢).

والقول الأول هو الراجح لقوة دليله، فإن الحديث نص واضح في التحريم، ولم يثبت استثناء شيء، فتعين العمل بعموم الحديث.

وأما حديث جابر - رضي الله عنه - باستثناء كلب الصيد، فهو حديث ضعيف، كما سيأتي إن شاء الله.

وأما إباحة الانتفاع فلا يلزم منه جواز بيعه؛ لأن باب الانتفاع أوسع من باب البيع، فليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، وتقدم ذلك.

وأما القياس على البغل والحمار فهو -كما يقول ابن القيم- من أفسد القياس؛ لأن قياس الكلب على الخنزير أصح من قياسه على البغل والحمار؛ لأن الخنزير أقرب شبهًا بالكلب (٣). وأما وضع اليد عليه فإنما أجازه الشارع لذات المنفعة، واستثنى بيعه، فمنع منه.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم البغاء، وتحريم ما يؤخذ عليه، سواء كان من حرة أو أمة، فهو مال حرام؛ لأنه في مقابل ما حرم الله عليها من الزنا، فليس لها أكله أو الانتفاع به، ويرى ابن القيم أنه يجب التصدق به (٤)، ولو قال: تخرجه بنية التخلص منه، لكان أولى، ولا يرد إلى الزاني؛ لأنه دَفَعَهُ باختياره في مقابل عوض لا يمكن صاحب العوض استرجاعه، فهو كسب خبيث، ولأنه لو رجع إلى دافعه لصار عونًا له على الاستمرار في جريمته، ولأنه بذلك يحصل له غرضه مع رجوع ماله.

° الوجه الخامس: تحريم الكهانة، وتحريم ما يأخذه الكاهن؛ لأنه أكل للمال بالباطل، ولأن التكهن محرم، وما حرم في نفسه حرم عوضه، ولأن فيه إعانة له على كهانته.


(١) "شرح صحيح مسلم" (٩/ ٤٩٢).
(٢) "الكافي" (٢/ ٦٧٥).
(٣) "زاد المعاد" (٥/ ٧٧٢).
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٥/ ٧٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>