للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غصب أو أذلك غصب. وعند أحمد (١) بالنصب، فهي معمول لفعل محذوف؛ أي: أتأخذها غصبًا لا تردها عليَّ؟.

قوله: (يا محمد) لم يقل: يا رسول الله لأنه لم يكن إذ ذاك مسلمًا.

قوله: (عارية مضمونة) مضمونة: صفة يحتمل أنها كاشفة وموضحة لحقيقة العارية؛ أي: إن شأن العارية الضمان، فيدل على ضمانها مطلقًا، ويحتمل أنها صفة للتقييد فهي مُخَصِّصَةٌ؛ أي: أستعيرها منك متصفة بأنها مضمونة لا عارية مطلقة عن الضمان، وهذا هو الأظهر؛ لأن الصفة المقيِّدة تأسيس، والتأسيس أولى، ولأنها كثيرة في الكلام.

* الوجه الرابع: لا خلاف بين العلماء في أن العارية إذا تلفت عند المستعير إما بتعدٍّ منه في استعمالها ونحوه، أو بتفريط في حفظها فإنه يضمنها بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال، والمراد بذلك كل شيء له مثل وشبيه ومقارب، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم (٢)، وهذا التفسير للمثلي ينطبق على أشياء كثيرة في زماننا هذا، كالكتب والأقمشة والأواني المنزلية ونحوها، بعد ظهور المطابع والمصانع؛ لأن تقدم الصناعة جعل كثيرًا من الأموال القيمية في الماضي أموالًا مثلية، فإن كانت العارية ليس لها مثل ولا شبيه ضمنها المستعير بقيمتها يوم تلفها؛ لأن يوم التلف يتحقق فيه فوات العارية.

فإن تلفت بلا تعدٍّ ولا تفريط فقد اختلف العلماء في ضمانها على أربعة أقوال:

القول الأول: أنها مضمونة مطلقًا، سواء شُرط عليه الضمان أم لا، وهذا قول ابن عباس وعطاء، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو قول الشافعي، وقول لمالك (٣)، ونسبه الحافظ ابن حجر إلى الجمهور (٤)،


(١) "المسند" (٢٤/ ١٣).
(٢) "الفتاوى" (٣٠/ ٣١٣).
(٣) "المغني" (٧/ ٣٤١)، "بداية المجتهد" (٢/ ٤٠٧).
(٤) "فتح الباري" (٥/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>