هَذَا بَاب مَا لَا يحسن أَن تضيف إِلَيْهِ الْأَسْمَاء الَّتِي تبين بهَا الْعدَد إِذا جَاوَزت الِاثْنَيْنِ إِلَى الْعشْرَة
وَذَلِكَ الْوَصْف تَقول: هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة قرشيون، وَثَلَاثَة مُسلمُونَ، وَثَلَاثَة صَالِحُونَ، فَهَذَا وَجه الْكَلَام كَرَاهِيَة أَن تجْعَل الصّفة كالاسم إِلَّا أَن يضْطَر شَاعِر. وَهَذَا يدلك على أَن النسابات إِذا قلت: ثَلَاثَة نسابات إِنَّمَا يَجِيء كَأَنَّهُ وصف لمذكر لَان لَيْسَ موضعا يحسن فِيهِ الصّفة لَا يحسن الِاسْم، فَلَمَّا لم يَقع إِلَّا وَصفا صَار الْمُتَكَلّم كَأَنَّهُ قد لفظ بمذكرين ثمَّ وَصفهم بهَا. قَالَ الله عز وَجل: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} .
قَالَ أَبُو عَليّ: قد تقدم من الْكَلَام أَن الْعدَد حَقه أَن يبين بالأنواع لَا بِالصِّفَاتِ فَلذَلِك لم يحسن أَن تَقول: ثَلَاثَة قرشيين لأَنهم لَيْسُوا بِنَوْع، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن تَقول: ثَلَاثَة رجال قرشيين.
وَلَيْسَ إِقَامَة الصّفة مقَام الْمَوْصُوف بالمستحسنة فِي كل مَوضِع. وَرُبمَا جرت الصّفة لكثرتها فِي كَلَامهم مجْرى الْمَوْصُوف فيستغنى بهَا لكثرتها عَن الْمَوْصُوف، كَقَوْلِك: مَرَرْت بمثلك، وَلذَلِك قَالَ عز وَجل: {فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} ، أَي عشر حَسَنَات أَمْثَالهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute