للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يَقْتَضِي النصب من فعل أَو شبهه لم يجز النصب. وَمن هُنَا كَانَ خطأ قَول الْكُوفِيّين فِي: (مَا زيدٌ قَائِما) إنّ (مَا) لم ترفع الِاسْم وَلم تنصب الْخَبَر بل ارْتِفَاع (زيد) على أنّه مُبْتَدأ، وَنصب (قَائِما) على إِسْقَاط الْبَاء (١) . وَهَذَانِ (٢) الْوَجْهَانِ لَو صَحا لاقتضيا أنْ لَا يجوز: الإعرابُ فِي اللغةِ البيانُ، ولكنْ يُجِيزهُ على التَّعْلِيق بأعني مضمرة مُعْتَرضَة بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، والفصل بِالْجُمْلَةِ الاعتراضية جَائِز اتِّفَاقًا. فإنْ قلتَ: فَهَلا (٣) قدرت الْجَار الْمَحْذُوف أَو الْمَذْكُور متعلِّقاً بالْخبر (٤) الْمُؤخر عَنهُ فإنّ فِيهِ معنى الْفِعْل. قلتُ: لفساده معنى وصناعةً، أمّا معنى فلأنَّه (٥) يصير الْمَعْنى: الْإِعْرَاب (٦) الْبَيَان الْحَاصِل فِي اللُّغَة [لَا الْبَيَان الْحَاصِل فِي غير اللُّغَة وَلَيْسَ المُرَاد هَذَا] (٧) . وأمّا صناعَة (٨) فلأنّ (٩) الْبَيَان وَنَحْوه مصَادر، وَلَا يتَقَدَّم على الْمصدر معموله، وَلَو كَانَ ظرفا، وَلِهَذَا قَالُوا فِي قَول الحماسي (١٠) . بعضُ الحِلْمِ عِندَ الجَهْلِ للذِّلَّةِ إذْعانُ إنَّ اللَّام مُتَعَلقَة بإذعان مَحْذُوف أُبدِل مِنْهُ الإذعان الْمَذْكُور، وَلَيْسَت مُتَعَلقَة بالإذعان الْمَذْكُور. فَإِذا امْتَنعُوا من ذَلِك حَيْثُ لم يظْهر تَأْثِير الْمصدر للنصب، وَلم يتجوزوا (١١) فِي الْجَار بالحذف (١٢) ، مُهِمّ عَن (١٣) تَجْوِيز التَّقْدِيم


(١) ينظر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة: أسرار الْعَرَبيَّة ١٤٣، الْإِنْصَاف ١٦٥، شرح الكافية ١ / ٢٦٨.
(٢) ح: وَهَذَا.
(٣) ح: هلا.
(٤) ج: الْجُزْء.
(٥) أ، ح: لِأَنَّهُ.
(٦) أ: إِعْرَاب.
(٧) مَا بَين القوسين المربعين من ح.
(٨) ح: الصِّنَاعَة. (وَأما الصِّنَاعَة) سَاقِط من أ.
(٩) أ، ح: لِأَن.
(١٠) هُوَ الفِنْد الزماني من قصيدة تعداد أبياتها عشرُون بَيْتا فِي مُنْتَهى الطّلب ٥ / ق ١٥٨ وَقد نشرت بتحقيقنا فِي مجلة المورد الغراء م ٨ ع ٣ - ١٩٧٩. وَينظر فِي الْبَيْت: شرح ديوَان الحماسة (م) ٣٨ و (ت) ١ / ٢٦، مُعْجم شَوَاهِد الْعَرَبيَّة ٣٩٤.
(١١) ح: يجوزوا.
(١٢) ب: الْمَحْذُوف.
(١٣) أ: عِنْد.

<<  <   >  >>