للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود قوله: «عدل في قضاؤك»، وهذا يتناول كل قضاء يقضيه على عبده، من عقوبة أو ألم وسبب ذلك، فهو الذي قضى بالسبب وقضى بالمسبب، وهو عدل في هذا القضاء، وهذا القضاء خير للمؤمن، كما قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له وليس ذلك إلا للمؤمن» (١) (٢).

فيرضى بالله ربا مدبرا مشرعا، فتمتلئ نفسه بالرضا عن ربه، فإذا رضي بالله أرضاه الله عز وجل.

٥٣ - من ثمرات الإيمان بالقدر: الفرح:

فيفرح المؤمن بالقدر بذلك الإيمان الذي حرم منه أمم كثيرة: {(٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ١٥٨].

٥٤ - من ثمرات الإيمان بالقدر: المحبة وعدم الحسد بين المؤمنين:

لأن الإيمان بالقدر و (الرضى يفتح له باب السلامة، فيجعل قلبه سليماً نقياً من الغش والدغل والغل. ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم. وكذلك تستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضى. وكلما كان العبد أشد رضى كان قلبه أسلم. فالخبث والدغل والغش: قرين السخط. وسلامة القلب وبره ونصحه: قرين الرضى. وكذلك الحسد: هو من ثمرات السخط. وسلامة القلب من ثمرات الرضى) (٣).

فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، لإيمانه بأن الله هو الذي رزقهم، وقدر لهم ذلك، فأعطى من شاء، ومنع من شاء، ابتلاءً وامتحاناً منه -عز وجل - وأنه حين يحسد غيره، إنما يعترض على القدر (٤).

٥٥ - من ثمرات الإيمان بالقدر: إغاظة المبتدعة الذين يتحكمون في حكمة الله وشرعه (٥). فيقولون ينبغي على الله أن يفعل كذا وكذا، أو ينفون حكمة الله في أفعاله فالإيمان بالقدر عند أهل السنة يغيضهم لأنهم يسلمون لأوامر الكونية والشرعية.

٥٦ - من ثمرات الإيمان بالقدر: الاستقامة على منهج سواء في السراء أو الضراء:

فالعباد فيهم قصور، ونقص، وضعف، لا يستقيمون على منهج سواء إلا من آمن بالقدر، فإن النعمة لا تبطره، والمصيبة لا تقنطه.


(١) قال المحقق: هذه الرواية - والله أعلم - بالمعنى، وقد ورد الحديث بلفظ أخر عند مسلم، كتاب الزهد، باب في أحاديث متفرقة (١٨/ ١٢٥ - شرح النووي).
(٢) الفوائد ص ١٧١ - ١٧٣.
(٣) مدارج السالكين (٢/ ٢٠٧).
(٤) انظر: مجلة البحوث الإسلامية عدد ٣٤ ص ٢٥ مبحث وسطية أهل السنة في القدر، د. عواد المعتق. نقلا من القضاء والقدر للحمد ص ٢٧.
(٥) الجامع الصحيح في القدر ص ١٢.

<<  <   >  >>