[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَهُوَ الصَّادِق؛ (فَأن) وَمَا عملت فِيهِ مَعْمُول (حَدثنَا) ، وَلَو كسرت لصار مستأنفا مُنْقَطِعًا عَن حَدثنَا. فَإِن قيل: اكسر، واحمل قَوْله: " حَدثنَا " على " قَالَ لي " قيل: هَذَا خلاف الظَّاهِر، [وَلَا يتْرك الظَّاهِر إِلَى غَيره إِلَّا لدَلِيل مَانع من الظَّاهِر] ، وَلَو جَازَ مثل هَذَا لجَاز فِي قَوْله تَعَالَى: {أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم} الْكسر؛ لِأَن " يَعدكُم " بِمَعْنى: " يَقُول لكم ".
تَوْجِيه رِوَايَة " إيَّاكُمْ وَهَاتَانِ ... "
(٢٣٠) وَفِي حَدِيثه: " إيَّاكُمْ وَهَاتَانِ الكعبتان الموسومتان اللَّتَان تزجران [زجرا] فَإِنَّهُمَا من ميسر الْعَجم ".
قَالَ رَحمَه الله: وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة هَاتَانِ وَمَا بعده بِالرَّفْع.
وَالْقِيَاس أَن ينصب الْجَمِيع عطفا على إيَّاكُمْ كَمَا تَقول: إياك وَالشَّر، أَي جنب نَفسك الشَّرّ، وَالْمعْنَى تجنبوا هَاتين، فَأَما الرّفْع فَيحْتَمل ثَلَاثَة أوجه:
أَحدهَا: أَن يكون مَعْطُوفًا على الضَّمِير فِي إيَّاكُمْ أَنْتُم وَهَاتَانِ كَمَا قَالَ جرير:
(فإياك أَنْت وَعبد الْمَسِيح ... أَن تقربا [قبْلَة] الْمَسْجِد)
وَالثَّانِي: أَن يكون مَرْفُوعا بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره: لتجتنب هَاتَانِ.
وَالثَّالِث: أَنه لَيْسَ فِي هَاتين وَمَا بعده دَلِيل الرّفْع بل على لُغَة بني الْحَارِث فِي جعل التَّثْنِيَة بِالْألف كَمَا قَالُوا: ضَربته بَين أذنَاهُ. [وكما] قَالَ الشَّاعِر:
(إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... قد بلغا فِي الْمجد غايتاها)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute