للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي " الْأَعْرَاف " أُرِيد اتِّخَاذ المسكنة، وَلِهَذَا أَتَى بِالْفَاءِ الدَّالَّة على تَرْتِيب الْأكل على السُّكْنَى الْمَأْمُور باتخاذها، لِأَن الْأكل بعد الاتخاذ من حَيْثُ لَا يُعْطي عُمُوم معنى (حَيْثُ شئتما) وَلما نسب القَوْل إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي سُورَة " الْبَقَرَة " ناسب زِيَادَة الْإِكْرَام بِالْوَاو الدَّالَّة على الْجمع بَين السُّكْنَى وَالْأكل، بِدَلِيل (رغدا حَيْثُ شئتما) لِأَنَّهُ أَعم

السَّلب والإيجاب: هُوَ فِي البديع أَن يبْنى الْكَلَام على نفي شَيْء من جِهَة وإثباته من جِهَة أُخْرَى، وَالْأَمر من جِهَة وَالنَّهْي من جِهَة أُخْرَى وَمَا أشبه ذَلِك، كَقَوْلِه تَعَالَى، {فَلَا تخشوا النَّاس واخشون} وَقَوله: {وَلَا تنهرهما وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} وَفِي الشّعْر نَحْو قَوْله:

(وننكر إِن شِئْنَا على النَّاس قَوْلهم ... وَلَا يُنكرُونَ القَوْل حِين نقُول)

وَالسَّلب لَا يُقَابل النِّسْبَة الْحكمِيَّة، وَإِنَّمَا يُقَابل الْإِيجَاب بِمَعْنى الايقاع

وَالسَّلب: رفع النِّسْبَة الإيجابية المتصورة بَين بَين، فَحَيْثُ لَا يتَصَوَّر ثمَّة نِسْبَة لم يتَصَوَّر هُنَاكَ إِيجَاب وَلَا سلب

[وَالسَّلب الْكُلِّي هُوَ رفع الْإِيجَاب الجزئي لَا الْإِيجَاب الْكُلِّي، فالسلب الْكُلِّي مَعَ الْإِيجَاب الْكُلِّي متقابلان لَيْسَ أَحدهمَا عدما للْآخر، وَيُمكن تعقل أَحدهمَا مَعَ قطع النّظر عَن الآخر فهما متضادان، وَلَا تقَابل بَين الْكُلِّي السالب والكلي الْمُوجب على مَا اخْتَارَهُ بعض الْمُحَقِّقين من وجوب اتِّحَاد مَوْضُوع المتقابلين بالشخصي فَإِن مَوْضُوع السَّلب الْكُلِّي النِّسْبَة الَّتِي بَين الْمَحْمُول وَجَمِيع أَفْرَاد الْمَوْضُوع]

(وَالسَّلب إِمَّا عَائِد إِلَى الذَّات أَو إِلَى الصِّفَات، أَو إِلَى الْأَفْعَال) فالسلوب العائدة إِلَى الذَّات كَقَوْلِنَا: (الله تَعَالَى لَيْسَ كَذَا وَكَذَا) ، والسلوب العائدة إِلَى الصِّفَات تَنْزِيه الصِّفَات عَن النقائص

والسلوب العائدة إِلَى الْأَفْعَال كَقَوْلِنَا: (الله تَعَالَى لَا يفعل كَذَا وَكَذَا) (وَالْقُرْآن مَمْلُوء مِنْهُ) ، وبحسب هَذِه السلوب غير المتناهية تحصل الْأَسْمَاء غير المتناهية

والسالب أَعم من السلبي، إِذْ الْمعَانِي سالبة وَلَيْسَت بسلبية، وَدلَالَة السلبية على السَّلب مُطَابقَة، وَدلَالَة السالب عَلَيْهِ الْتِزَام، كدلالة الْقدَم على انْتِفَاء الْعَدَم السَّابِق، وَدلَالَة الْبَقَاء على انْتِفَاء الْعَدَم اللَّاحِق، وَدلَالَة الوحدانية على انْتِفَاء التَّعَدُّد، فالدلالة فِي الْجَمِيع مُطَابقَة

وَدلَالَة السَّلب عَلَيْهِ الْتِزَام، كدلالة الْقُدْرَة على نفي الْعَجز، وَأما دلالتها على الْمَعْنى الْقَائِم بِالذَّاتِ فَإِنَّهَا مُطَابقَة

وسلب الْعُمُوم هُوَ نفي الشَّيْء عَن جملَة الْأَفْرَاد، لَا عَن كل فَرد، وَعُمُوم السَّلب بِالْعَكْسِ

السَّبِيل: هُوَ أغلب وقوعا فِي الْخَيْر، وَلَا يكَاد اسْم الطَّرِيق يُرَاد إِلَّا مقترنا بِوَصْف أَو إِضَافَة تخلصه لذَلِك

(والسبيل وَالطَّرِيق يذكران ويؤنثان، والصراط

<<  <   >  >>