أنباء الْمصَالح وَظَهَرت مقاتله لسهام عدوه الْكَاشِح ومالت عَنهُ خواطر ناصريه واتسع لألسن الطاعنين مجَال الْمقَال فِيهِ وَسقط وقعه من نفوس رعاياه وَجُنُوده وَزَالَ الوثوق بوعده وَالْخَوْف من وعيده
(٣١ ب) فَوَاجِب على السُّلْطَان إِذا تخلى عَن هَذِه النقائض أَن يتحلى من الخصائص الحسان بِمَا يزْدَاد بِهِ مهابة ووقار ويكسبه عَظمَة وفخار وَيعْلي لَهُ فِي الْعَالم شَأْنًا ومنارا وَيبقى لَهُ على الْأَبَد ذكرا وفخارا
وَهَا أَنا أنبه على شَيْء مِنْهَا تَنْبِيها أعْتَمد (٣٢ أ) فِيهِ اقْتِصَار واختصار فَعَلَيهِ أَن لَا يُسَارع إِلَى إتباع الشَّهَوَات وَأَن يتثبت عِنْد اعْتِرَاض الشُّبُهَات وَأَن يجانب سرعَة الحركات وخفة الإشارات ويديم أَطْرَاف طرفه وملازمة صمته إِلَّا عِنْد الْحَاجة فِي أَكثر الْأَوْقَات (٣٢ ب) فَإِن أنفاس الْملك ملحوظة وَأَلْفَاظه منقولة على ممر السَّاعَات وَكَلَام الْإِنْسَان ترجمان عقله وبرهان فَضله وَمن كثر كلمة كبر ندمه
ويختار عِنْد الْكَلَام أعذب الْأَلْفَاظ وأحسنها وأعدلها وأجزلها وأبينها ويجهر صَوته (٣٣ أ) فِي كَلَامه ليَكُون أبين لسامعيه وأوقع فِي الْقُلُوب وَيجْعَل وعيده بالتأديب على مِقْدَار الذُّنُوب جمعا بَين مصلحَة الْعقُوبَة والانزجار ومصلحة اجْتِنَاب الْإِثْم بمجاوزة الْحَد والمقدار
ويجتهد فِي منع نَفسه من الْغَضَب فَإِنَّهُ أشر قاهر (٣٣ ب) وأضر معاندو مجاهر وَهُوَ إِذا غلب أعظم الْأَشْيَاء فَسَادًا لنظام المرام وأبلغ الْأُمُور تَأْثِيرا فِي انْتِقَاض قَوَاعِد تَدْبِير الإبرام فَإِن قدر الله عَلَيْهِ بِشَيْء مِنْهُ فليحذر جزما من أَن يُبَاشر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute