للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فِيهَا هُوَ مُرَاعَاة حَال المتنازعين فِي غَلَبَة الظَّن فِي جنبه الْمُدعى عَلَيْهِ أَو من استوائها فِيهِ فغلبة الظَّن فِي إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ فِي إرهابها (٩٢ ب) والكشف عَن حَالهمَا وَلَيْسَ لفصل الحكم بَينهمَا تَأْثِير لغَلَبَة الظَّن فَإِن كَانَ عَلَيْهِ الظَّن فِي جنب الْمُدعى والريبة فِي جنب الْمُدعى عَلَيْهِ عِنْد الحكم بَينهمَا فَذَلِك يكون على ثَلَاثَة أوجه

أَحدهمَا أَن تكون الْمُدعى مَعَ خلوه من حجَّة يظهرها ضَعِيف الْحَال مستلان الجنبة (٩٣ أ) وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ ذَا بَأْس وَقدره مشتهرة فَإِذا ادّعى عَلَيْهِ غضب دَار أَو ضَيْعَة غلب فِي الظَّن أَن مثله مَعَ لينه واستضعافه لَا يتجوز فِي دَعْوَاهُ على من كَانَ ذَا بَأْس وَذَا سطوة ومقدرة

وَثَانِيها أَن يكون الْمُدَّعِي مَشْهُورا بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة (٩٣ ب) وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ مَعْرُوفا بِالْكَذِبِ والخيانة فيغلب على الظَّن صدق الْمُدعى فِي دَعْوَاهُ واعتماد خَوفه فِيمَا خَاصم فِيهِ وتقواه

وَثَالِثهَا أَن تتساوى أحوالهما غير أَنه قد عرف للْمُدَّعى يَد مُتَقَدّمَة وَلَيْسَ يعرف لدُخُول يَد الْمُدعى عَلَيْهِ سَبَب (٩٤ أ) حَادث يعْتَمد عَلَيْهِ فَالَّذِي يَقْتَضِيهِ نظر النَّاظر لفي الْمَظَالِم من هَذِه الْأَحْوَال الثَّلَاثَة

شَيْئَانِ إرهاب الْمُدعى عَلَيْهِ لتوجه الرِّيبَة إِلَيْهِ وسؤاله عَن سَبَب الدُّخُول فِي يَده وحدوث ملكه فَإِن ملكا يرى ذَلِك مذهبا فِي الْقَضَاء مَعَ الارتياب فَكَانَ نظر (٩٤ ب) الْمَظَالِم بِهِ أولى وَرُبمَا انف الْمُدعى عَلَيْهِ لنَفسِهِ مَعَ علو مَنْزِلَته عَن مساوات خَصمه فِي المحاكمة فَينزل عَمَّا فِي يَده لخصمهم عفوا وإيثارا لرفعه الجناب

حكى أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ مُوسَى الْهَادِي جلس يَوْمًا لمظالم وَعمارَة بن حَمْزَة قَائِما على رَأسه (٩٥ أ) وَكَانَ ذَا منزلَة عالية عِنْد الْهَادِي فَحَضَرَ رجل من المتظلمين فَادّعى إِن عمَارَة غضب ضَيْعَة لَهُ فَأمر الْهَادِي عمَارَة بِالْجُلُوسِ مَعَه للمحاكمة فَقَالَ عمَارَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كَانَت الضَّيْعَة لَهُ فَلَا أنازعه فِيهَا وَإِن كَانَت لي

<<  <   >  >>