وَأما (٢٥ ب) الْغرُور فَهُوَ مضل بِصَاحِبِهِ إِلَى العطب سائق لَهُ ورطات هَلَاك ذَات شعب وَهُوَ أَن يرى الْمَغْرُور الْأَحْوَال فِي مباديها منتظمة فِي سلك السداد والأمور فِي أوائلها جَارِيَة على وفْق المُرَاد والأوقات سَاكِنة عَن هبوب عوارض الْبَغي (٢٦ أ) وَالْفساد والاختلافات الشاغلة قد نزلت بساحات الْأَعْدَاء والاضداد فيظن أَن هَذِه الْحَالة وَاجِبَة الإطراد دائمة الِاسْتِمْرَار بِلَا انْقِطَاع وَلَا نَفاذ فيغتر بذلك فيهمل التأهب ويغفل عَن الاستعداد فتفاجئه حوادث الْخَال وتباغته نَوَازِل (٢٦ ب) الزلل فتسد عَنهُ أَبْوَاب الصّلاح وتفتح عَلَيْهِ أَبْوَاب الْفساد وَأعظم موارد الْغرُور النِّفَاق المادحين ومدح الْمُنَافِقين وتملق المقربين وتقرب المتملقين الَّذين اتَّخذُوا الْكَذِب والنفاق وَسِيلَة وَجعلُوا الْمَكْر وَالْخداع أحبولة وحيلة (٢٧ أ) فَمَتَى وجدوا لنفاقهم نفَاقًا وسوقا ولكذبهم قبولا وَتَصْدِيقًا نصبوه سلما إِلَى مرامهم وَأَقَامُوا المغتر بهم غَرضا لسهامهم واتخذوه عرضة لاستهزائهم بِهِ واستقسامهم وَقد عد الْعلمَاء وأساطين الْحُكَمَاء هَذَا النَّوْع من الاغترار من أقوى (٢٧ ب) الْأَسْبَاب وحثوا أكَابِر الْمُلُوك على التيقظ لَهُ عِنْد الإسهاب فِيهِ والإطناب ونبهوا على الِاحْتِرَاز مِنْهُ والتجنب عِنْد أَرْبَاب الْأَلْبَاب فَأن أقل مَا فِيهِ رواج الاستسخار والاستهزاء ونفاق الْكَذِب بِلَا ارتياب وَلِهَذَا الْمَعْنى أَمر (٢٨ أ) الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإهانة مباشريه بقوله أحثوا فِي وُجُوه المادحين التُّرَاب
وَأما الشُّح فَهُوَ من الْأَسْبَاب الَّتِي أخبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَوْنِهَا مهلكة للورى وَيَكْفِي فِي ذمَّة الْفَلاح مقرون بالسلامة مِنْهُ والتوقي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute