للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني: العقد الفريد:

أسلفنا القول في التمهيد لهذا الباب من كتابنا أن كتاب العقد الفريد نال حظًّا وافرًا من الشهرة لم يشاركه فيها إلا كتاب الأغاني للأصبهاني، وهو قول حق في كتاب يعتبر الأول من نوعه في الأندلس من حيث الإفاضة والشمول والتنوع وكثرة التمثل، عن أدب قومه المشارقة.

وإذا كان "العقد الفريد" و "الأغاني" يعتبران أشهر كتابين في الأدب على الرغم من أن أولهما كتب في الأندلس، والثاني كتب في العراق، فإن للعقد كمؤلف أندلسي في الأدب عامة وأدب المشارقة خاصة، منافسًا في الشهرة ألف في المكان نفسه الذي ألف فيه العقد وهو كتاب: الأمالي لأبي علي القالي، الذي يجيء ذكره وذكر كتابه في باب "الأمالي" من أبواب هذا الكتاب. وإن الفارق الزمني بينهما غير بعيد، فقال: دخل أبو علي القالي قرطبة ضيفًا على عبد الرحمن الناصر عام ٣٣٠ هـ أي بعد وفاة ابن عبد ربه بعامين اثنين، وما لبث أن أملى كتابه النفيس الذي عرف بـ"الأمالي". غير أن لكل من الكتابين مذاقه الخاص به وموضوعاته المتميز بها. فالعقد موسوعة أدبية اجتماعية تاريخية إخبارية ناعمة سهلة، والأمالي موضوعات لغوية منبثقة من خلال نصوص أدبية مع أخبار ونوادر حسبما نقدمها تفصيلًا في باب كتب الأمالي.

فإذا ما عرضنا لكتاب ابن عبد ربه من عنوانه وجدناه صورة من صاحبه، فالتسمية تسمية ناعمة "العقد الفريد" جمعت إلى خيال الشاعر واقع الأدب. وقد قصد المؤلف إلى هذه التسمية قصدًا، فهو قد تصور كل باب من أبواب الكتاب جوهرة من جواهر العقد في جيد الحسناء، وعقد الحسناء يتكون من خمس وعشرين حبة ثمينة، لكل واحدة منها اسم في اللغة والعرف. وأثمنها عادة هي الحبة الوسطى التي يكون عن يمينها اثنتا عشرة حبة وعن

<<  <   >  >>