كتاب أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي

المبحث الأول: المقومات الدينية - أولا: امتلاك فلسطين والأقطار المجاورة لها - ص: 155

اسمه إسحق، وأقيم عهدي معه أبديًّا لنسله من بعده, وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرًا جدًّا, اثني عشر رئيسًا بلد، وأجعله أمة كبيرة، ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية١".

ثم وجَّه هذا الوعد مرةً أخرى إلى يعقوب, ثم إسحق -عليهما السلام, في صورة حلمٍ تراءى ليعقوب وهو نائم في أرض حاران، وورد ذكر تمليك أرض كنعان لموسى وهارون -عليهما السلام٢, وبعد وفاة موسى وجَّه الله وعده إلى خليفته يوشع بن نون في صورة أكثر تفصيلًا: "موسى عبدي قد مات، فالآن قم اعبر هذا الآردن، أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم -أي: لبني إسرائيل, كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته، كما كلمت موسى، من البرية ولبنان, هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات، جميع أرض الحيثيين, وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخومكم٣".

وجاء الوعد الإلهيّ أخيرًا إلى داود -عليه السلام, ونسله, على لسان ناثان النبيّ٤، وتكرر ذكر الوعد الإلهيّ في أسفار شتَّى، كما أوردته المزامير في أكثر من موضع، ومن ذلك: "لأن الله يخلص صهيون، وبين مدن يهوذا، فيسكنون هنالك ويرثونها، ونسل عبيده يملكونها، ومحبو اسمه يسكنون فيها٥".

هكذا تكررت الوعود الإلهية بملك اليهود لفلسطين، وكأنما وجهت متتالية لمجرد التشويق والإثارة لا للتنفيذ، فهي توجه لهذا تارةً ولآخر تارةً أخرى, من غير أن تتحقق لا لهذا ولا لذاك.

---

١ الإصحاح السابع عشر من سفر التكوين ١٨-٢٢.
٢ في الإصحاح الرابع عشر من سفر اللاويين ٣٣، ٣٤.
٣ الإصحاح الأول من سفر يشوع ٢-٤.
٤ الإصحاح السابع سفر صموئيل الثاني ٤-٦ و١٢-١٦.
٥ المزمور التاسع والستين.