للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤- وَقَدِ اشْتُهِرَ شِعْرُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

مَجِّدُوا اللَّهَ وَهُوَ لِلْمَجْدِ أَهْلٌ ... رَبُّنَا فِي السَّمَاءِ أَمْسَى كَبِيرَا

بِالْبِنَاءِ الأَعْلَى الَّذِي سَبَقَ الْخَلْقَ ... وَسَوَّى فَوْقَ السَّمَاءِ سَرِيرَا

شَرْجَعٌ مَا يَنَالُهُ بَصَرُ الْعَيْنِ ... تَرَى دُونَهُ الْمَلَائِكُ صُورَا (١)

وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آمَنَ شِعْرُهُ، وَكَفَرَ قَلْبُهُ (٢) .


(١) شرجع: أي طويل، وصورا: جمع أصور، وهو المائل العنق لنظره إلى العلو. انظر: اللسان، مادة: "شرجع"، و"صور".
وانظر هذه الأبيات لأمية بن أبي الصلت في البداية والنهاية ٢/٢٢٩. وشرح الطحاوية ص ٢٤٩، واجتماع الجيوش الإسلامية ص ٢١٨، والاختلاف في اللفظ لابن قتيبة ضمن عقائد السلف ص ٢٤٠، وهي في ديوانه ص ٤٠٠.
(٢) أورده ابن كثير في البداية والنهاية ٢/٢٢٨، وقال: لا أعرف. وقد ورد في السنة لابن أبي عاصم بسنده عن عكرمة عن ابن عباس، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدق أمية بن أبي الصلت في شيء من شعره، قال:
رجل وثور تحب رجل يمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصد
والشمس تطلع كل آخر ليلة ... صحراء تصبح لونها يتورد
تأبى فما تطلع لنا في رسلها ... إلا معذبة وإلا تجلد
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صدق.
وعلق عليه الشيخ الألباني بقوله: إسناده ضعيف، ورجاله ثقات، والعلة عنعنة ابن إسحاق. انظر: السنة لابن أبي عاصم بتخريج الألباني، ح (٥٧٩) ، ١/٢٥٦.
والحديث أخرجه أحمد في المسند ١/٢٥٦، وابن خزيمة في التوحيد/ ٩٠، كلاهما بإسناد ابن أبي عاصم.
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحسن شعر أمية، ويستزيد من إنشاده، لما فيه من الإقرار بالوحدانية والبعث، ففي صحيح مسلم عن عمرو بن الشريد عن أبيه، قال: ردفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما، فقال: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيئا؟ قلت: نعم، قال: "هيه"، فأنشدته بيتا، فقال: "هيه"، ثم أنشدته بيتا، فقال: "هيه"، حتى أنشدته مائة بيت. مسلم كتاب الشعر، ح (٢٢٥٥) ، ٤/١٧٦٨.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم. البخاري، كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر، ح (٦١٤٧) ، ١٠/٥٣٧، ومسلم كتاب الشعر، ح (٢٢٥٦) ، ٤/١٧٦٨.
وفي هذا دليل على جواز سماع الشعر وإنشاده، إذا خلا من الفحش بشرط أن لا يكون غالبا على الإنسان، ومشغلا له عما هو أصلح وأهم. يقول الحافظ بن حجر: والذي يتحصل من كلام العلماء في حد الشعر الجائز أنه إذا لم يكثر منه في المسجد، وخلا من هجو، وعن الإغراق في المدح والكذب المحض، والتغزل بمعين لا يحل، وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على جوازه إذا كان كذلك. فتح الباري ١٠/٥٣٩. وأخرج الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشعر بمنزلة الكلام حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام". الأدب المفرد ص ١٢٦.

<<  <   >  >>