وقد أورد البيهقي حديث أبي هريرة مرفوعا بهذا المعنى ص ٥٠٥ من الأسماء والصفات. وحديث ابن مسعود هذا ضعيف بهذا الإسناد، لأن فيه الحسن بن جعفر قال الحافظ: ضعيف. التقريب ١/١٦٤. وفيه عاصم بن بهدلة فيه مقال تقدم إيضاحه. وما أورده المصنف هنا إنما هو بعض قثول ابن مسعود ففيه أنه قال: ما بين كل سماء إلى الأخرى مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام ... وهو عند ابن خزيمة وغيره وذكروا بقية الخبر بنحو ما عند المصنف هنا. وقد تقدم في حديث العباس بن عبد المطلب، رقم: (١٥) ، أن بعد ما بين كل سماء وأخرى إما اثنتين أو ثلاث وسبعون سنة. إلا أن هذه الرواية عن ابن مسعود أشهر بين الناس كما قال الحافظ البيهقي في كتاب الأسماء والصفات، إلا أن ما يظهر من تعارض بين الروايتين يندفع بما قاله الإمام ابن خزيمة -رحمه الله-: ولعله يخطر ببال بعض مقتبسي العلم أن خبر العباس بن عبد المطلب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعد ما بين السماء إلى التي تليها خلاف خبر ابن مسعود، وليس كذلك هو عندنا، إذ العلم محيط أن السير يختلف باختلاف سير الدواب من الخيل والهجن والبغال، والحمير، والإبل، وسابق بني آدم يختلف أيضا، فجائز أن يكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد بقوله: بعد ما بينهما اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، أي يسير جواد الركاب من الخيل، وابن مسعود أراد مسيرة الرجال من بني آدم، أو مسيرة البغال والحمر والهجن من البراذين، أو غير الجواد من الخيل، فلا يكون أحد الخبرين مخالفا للخبر الآخر، وهذا مذهبنا في جميع العلوم، أن كل خبرين يجوز أن يؤلف بينهما في المعنى لم يجز أن يقال: هما متضادان، متهاتران، على قد بيناه في كتبنا. التوحيد ص ١٠٨، ويوافق البيهقي على هذا فيقول: ويحتمل أن يختلف ذلك باختلاف قوة السير وضعفه، وخفته وثقله، فيكون يسير القوي أقل، وبسير الضعيف أكثر، الأسماء والصفات ص ٥٠٦. أقول: وإذا صح الخبران فإن الأمر فيهما كما تقدم، ويزيد الأمر وضوحا بوسائل النقل المعاصرة، فقد جدت السيارات، والطائرات والمراكب الفضائية على اختلاف سرعتها، فليس الجمع بين مثل هذين الخبرين مستعصيا لاتضاح صحة ما قاله الأئمة في ذلك.