وَإِصْدَارُهُ عَنْ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ … أَوْ الْقَوْلُ بِالتَّجْوِيزِ رَمْيَةُ حِيرَةِ
وَلَا رَيْبَ فِي تَعْلِيقِ كُلِّ مُسَبَّبٍ … بِمَا قَبْلَهُ مِنْ عِلَّةٍ موجبية
بَلْ الشَّأْنُ فِي الْأَسْبَابِ أَسْبَابُ مَا تَرَى … وَإِصْدَارُهَا عَنْ الْحُكْمِ مَحْضُ الْمَشِيئَةِ
وَقَوْلُكَ: لِمَ شَاءَ الْإِلَهُ؟ هُوَ الَّذِي … أَزَلَّ عُقُولَ الْخَلْقِ فِي قَعْرِ حُفْرَةِ
فَإِنَّ الْمَجُوسَ الْقَائِلِينَ بِخَالِقِ … لِنَفْعِ وَرَبٍّ مُبْدِعٍ لِلْمَضَرَّةِ
سُؤَالُهُمْ عَنْ عِلَّةِ السِّرِّ أَوْقَعَتْ … أَوَائِلَهُمْ فِي شُبْهَةِ الثنوية
وَإِنَّ ملاحيد الْفَلَاسِفَةِ الْأُولَى … يَقُولُونَ بِالْفِعْلِ الْقَدِيمِ لِعِلَّةِ
بَغَوْا عِلَّةً لِلْكَوْنِ بَعْدَ انْعِدَامِهِ … فَلَمْ يَجِدُوا ذَاكُمْ فَضَلُّوا بِضَلَّةِ
وَإِنَّ مبادي الشَّرِّ فِي كُلِّ أُمَّةٍ … ذَوِي مِلَّةٍ مَيْمُونَةٍ نَبَوِيَّةِ
بخوضهمو فِي ذَاكُمْ صَارَ شِرْكُهُمْ … وَجَاءَ دُرُوسُ الْبَيِّنَاتِ بِفَتْرَةِ
وَيَكْفِيكَ نَقْضًا أَنَّ مَا قَدْ سَأَلْتَهُ … مِنْ الْعُذْرِ مَرْدُودٌ لَدَى كُلِّ فِطْرَةِ
فَأَنْتَ تَعِيبُ الطَّاعِنِينَ جَمِيعَهُمْ … عَلَيْكَ وَتَرْمِيهِمْ بِكُلِّ مَذَمَّةِ
وَتَنْحَلُ مَنْ وَالَاكَ صَفْوَ مَوَدَّةٍ … وَتُبْغِضُ مَنْ ناواك مِنْ كُلِّ فِرْقَةِ
وَحَالُهُمْ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلَةٍ … كَحَالِكَ يَا هَذَا بِأَرْجَحِ حُجَّةِ
وَهَبْكَ كَفَفْتَ اللَّوْمَ عَنْ كُلِّ كَافِرٍ … وَكُلِّ غَوِيٍّ خَارِجٍ عَنْ مَحَبَّةِ
فَيَلْزَمُكَ الْإِعْرَاضُ عَنْ كُلِّ ظَالِمٍ … عَلَى النَّاسِ فِي نَفْسٍ وَمَالٍ وَحُرْمَةِ