بَيْنَمَا كَانَ يرى الشَّافِعِي وَمن تَابعه أَن فَتَاوَى الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَتَاوَى اجتهادية من أَفْرَاد غير معصومين، فَلهم إِذن أَن يَأْخُذُوا بأية فَتْوَى مِنْهَا، كَمَا أَن لَهُم أَن يفتوا بِخِلَافِهَا كلهَا. وَعَن هَذَا نَشأ اخْتِلَاف فِي الْأَحْكَام.
٣- ثَالِثا: فِي الْقيَاس؛ فَإِن بعض الْمُجْتَهدين من الشِّيعَة والظاهرية أَنْكَرُوا الِاحْتِجَاج بِالْقِيَاسِ وَنَفَوْا أَن يكون مصدرا للتشريع وَلِهَذَا سموا: نفاة الْقيَاس، وَجُمْهُور الْأَئِمَّة احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ وعدوه الْمصدر التشريعي الرَّابِع بعد الْقُرْآن الْكَرِيم وَالسّنة الشَّرِيفَة وَالْإِجْمَاع، وَلَكنهُمْ مَعَ اتِّفَاقهم على أَنه حجَّة اخْتلفُوا فِيمَا يصلح أَن يكون عِلّة للْحكم ويبنى عَلَيْهِ الْقيَاس، حَيْثُ يشْتَرط بَعضهم أَن يكون مَنْصُوصا على عِلّة الحكم، وَنَشَأ عَن هَذَا أَيْضا اخْتِلَاف فِي الْأَحْكَام.
٤- رَابِعا: وَأما اخْتلَافهمْ فِي النزعة التشريعية، فقد ظهر فِي انقسامهم إِلَى فريق أهل الحَدِيث وَمِنْهُم أَكثر مجتهدي أهل الْحجاز، وفريق أهل الرَّأْي وَمِنْهُم أَكثر مجتهدي أهل الْعرَاق.