للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ

١٩- الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" ١ وَرُوِّيتُمْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ احْتَجَّ بِذَلِكَ عَلَى الْأَنْصَارِ، يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ.

ثُمَّ رُوِّيتُمْ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: "لَوْ كَانَ سَالِمٌ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَيًّا، مَا تَخَالَجَنِي فِيهِ الشَّكُّ".

وَسَالِمٌ لَيْسَ مَوْلًى لِأَبِي حُذَيْفَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهِيَ أَعْتَقَتْهُ وَرَبَّتْهُ٢ وَنُسِبَ إِلَى أَبِي حُذَيْفَةَ بِحِلْفٍ.

فَجَعَلْتُمُ الْإِمَامَةَ٣، تَصْلُحُ لِمَوَالِي الْأَنْصَارِ، وَلَوْ كَانَ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ، لَأَمْكَنَ أَنْ تَحْتَجُّوا بِأَنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ.

قَالُوا: وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاخْتِلَافٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْقَوْلِ تَنَاقُضٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ٤ تَنَاقُضًا، لَوْ قَالَ عُمَرُ: "لَوْ كَانَ سَالِمٌ حَيًّا مَا تَخَالَجَنِي الشَّكُّ فِي تَوْلِيَتِهِ عَلَيْكُمْ، أَوْ فِي تَأْمِيرِهِ".

فَأَمَّا قَوْلُهُ: "مَا تَخَالَجَنِي الشَّكُّ فِيهِ" فَقَدْ يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ.


١ مُسْند الطَّيَالِسِيّ: رقم ٩٢٦، ٢١٣٣.
٢ وَفِي نُسْخَة: وورثته.
٣ وَفِي نُسْخَة: الْخلَافَة.
٤ لَعَلَّ الْأَفْضَل أَن يُقَال: وَإِنَّمَا يكون تناقضًا بِحَذْف "كَانَ".

<<  <   >  >>