للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالُوا: حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ

٢٨- النِّيَّةُ وَالْعَمَلُ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَاحِدَةً، وَمَنْ عَمِلَهَا، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا" ١.

ثُمَّ رُوِّيتُمْ "نِيَّةُ الْمَرْءِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ" ٢.

فَصَارَتِ النِّيَّةُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ دُونَ الْعَمَلِ، وَصَارَتْ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي خَيْرًا مِنَ الْعَمَلِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاخْتِلَافٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنحن نقُول: إِنَّه لَيْسَ هَهُنَا تَنَاقُضٌ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالْهَامُّ بِالْحَسَنَةِ إِذَا لَمْ يَعْمَلْهَا خِلَافُ الْعَامِلِ لَهَا؛ لِأَنَّ الْهَامَّ لَمْ يَعْمَلْ، وَالْعَامِلَ لَمْ يَعْمَلْ حَتَّى هَمَّ ثُمَّ عَمِلَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِيَّةُ الْمَرْءِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ" فَإِنَّ الله تَعَالَى تخلد الْمُؤْمِنَ فِي الْجَنَّةِ بِنِيَّتِهِ لَا بِعَمَلِهِ.

وَلَوْ جُوزِيَ بِعَمَلِهِ، لَمْ يَسْتَوْجِبِ التَّخْلِيدَ، لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي سِنِين مَعْدُودَة.


١ البُخَارِيّ: رقاق ٣١، وَمُسلم: إِيمَان ٢٠٣، ٢٠٤، ٢٠٦، ٢٠٧، والدارمي: رقاق ٧٠ وَأحمد: ١/ ٢٢٧، ٢٧٩، ٣١٠، ٣٦١، ٢/ ٢٣٤، ٤١٠.
٢ وَجَدْنَاهُ بِلَفْظ: "نِيَّة الْمُؤمن خير من عمله" وَهُوَ حسن لغيره. انْظُر: الْمَقَاصِد ٤٥٠ والدرر برقم ٤٢٦، والتمسسز ١٨٠، والأسرا: ٣٧٥، والكشف: ٢/ ٣٢٤، والفوائد للكرمي: ٨٧، والفوائد للشوكاني: ٢٥٠، وَضَعِيف الْجَامِع ٦ برقم ٥١٨٨.

<<  <   >  >>