للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ

٣٥- التَّعَوُّذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفَقْرِ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ الْفَقْرِ١، وَقَالَ: "أَسْأَلُكَ غِنَايَ، وَغِنَى مَوْلَايَ"٢.

ثُمَّ رُوِّيتُمْ أَنَّهُ قَالَ: " اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ" ٣.

وَقَالَ: "الْفَقْرُ بِالْمُؤْمِنِ، أَحْسَنُ مِنَ الْعِذَارِ الْحَسَنِ، عَلَى خَدِّ الْفَرَسِ"٤.

وَقَالُوا: وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاخْتِلَافٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنحن نقُول: إِنَّه لَيْسَ هَهُنَا اخْتِلَافٌ -بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى-.

وَقَدْ غَلَطُوا فِي التَّأْوِيلِ، وَظَلَمُوا فِي الْمُعَارَضَةِ، لِأَنَّهُمْ عَارَضُوا الْفَقْرَ بِالْمَسْكَنَةِ، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَحْيِنِي فَقِيرًا، وَأَمِتْنِي فَقِيرًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْفُقَرَاءِ" كَانَ ذَلِكَ تَنَاقُضًا، كَمَا ذَكَرُوا.

وَمَعْنَى الْمَسْكَنَةِ فِي قَوْلِهِ: "احْشُرْنِي مِسْكِينًا" التَّوَاضُع والإخبات.


١ أَبُو دَاوُد: أدب ١٠١، وَأحمد ٦/ ٥٧، ٢٠٧، وَانْظُر صَحِيح الْجَامِع رقم ١٢٨٧.
٢ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أبي صرمة مَرْفُوعا، وَإِسْنَاده ضَعِيف، انْظُر ضَعِيف الْجَامِع رقم ١٢٩٥، والسلسلة الضعيفة رقم ١٩١٢ -الشخ مُحَمَّد بدير-.
٣ التِّرْمِذِيّ: زهد ٣٧، وَابْن ماجة: زهد ٧، وَهُوَ حَدِيث صَحِيح عَن عبَادَة بن الصَّامِت، صَحِيح الْجَامِع برقم ١٢٦١ والصحيحة برقم ٣٠٨.
٤ وَجَدْنَاهُ فِي ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير برقم ٤٠٣٣ وسلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة برقم ٥٦٤ عَن شَدَّاد بن أَوْس وَعَن سعيد بن مَسْعُود بِلَفْظ: "الْفقر بِالرجلِ الْمُؤمن أزين على الْمُؤمن من الْعذر الْحسن على خد الْفرس".

<<  <   >  >>