للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَنَّهَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ لَهَا: "يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ لِيَ امْرَأَةٌ: "هَلْ لَكِ أَنْ أَعْمَلَ لَكِ شَيْئًا يَصْرِفُ وَجْهَ زَوْجِكِ إِلَيْكِ؟ وَأَظُنُّهُ قَالَ: فَأَتَتْ بِكَلْبَيْنِ، فَرَكِبَتْ وَاحِدًا، وَرَكِبْتُ الْآخَرَ، فَسِرْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ.

ثُمَّ قَالَتْ: "أَتَدْرِينَ أَيْنَ أَنْتِ؟ إِنَّكِ بِبَابِلَ" وَدَخَلَتْ عَلَى رَجُلٍ، أَوْ قَالَتْ "رَجُلَيْنِ" فَقَالَا لَهَا: "بُولِي عَلَى ذَلِكَ الرَّمَادِ" قَالَتْ: "فَذَهَبْتُ فَلَمْ أَبُلْ، وَرَجَعْتُ إِلَيْهِمَا" فَقَالَا لِي: "مَا رَأَيْتِ؟ " قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ شَيْئًا".

قَالَا: "أَنْتِ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكِ".

قَالَتْ: فَرَجَعْتُ فَتَشَدَّدْتُ، ثُمَّ بُلْتُ، فَخَرَجَ مِنِّي مِثْلُ الْفَارِسِ الْمُقَنَّعِ، فَصَعِدَ فِي السَّمَاءِ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمَا، فَقَالَا لِي: "مَا رَأَيْتِ؟ " فَأَخْبَرْتُهُمَا.

فَقَالَا: "ذَلِكَ إِيمَانُكِ قَدْ فَارَقَكِ".

فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا عَلَّمَانِي شَيْئًا، وَلَا قَالَا لِي كَيْفَ أَصْنَعُ.

قَالَتْ: فَمَا رَأَيْتِ؟ قَلَتُ: كَذَا، قَالَتْ: أَنْتِ أَسْحَرُ الْعَرَبِ، عَمَلي وَتَمَنَّيْ.

قَالَتْ: فَقَطَعْتُ جَدَاوِلَ، وَقَالَتْ: احْقُلْ١؛ فَإِذَا هُوَ زَرَعٌ يَهْتَزُّ.

فَقَالَتِ: افْرُكْ٢ فَإِذَا هُوَ قَدْ يَبِسَ قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ، فَفَرَكْتُهُ، وَأَعْطَتْنِيهِ فَقَالَتْ: جُشِّي٣ هَذَا، وَاجْعَلِيهِ سَوِيقًا، وَاسْقِيهِ زَوْجَكِ فَلَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَانْتَهَى الشَّأْنُ إِلَى هَذَا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟

قَالَتْ: وَرَأَتْ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ كَانَ يَسْكُنُ أَمَجَ٤ فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بهاروت وماروت.


١ أحقل: بِصِيغَة الْأَمر، والحقل: "هُوَ الزَّرْع الَّذِي تشعب ورقه وَظهر وَكثر مَا دَامَ أَخْضَر" كَمَا فِي الْقَامُوس.
٢ افرك: بِصِيغَة الْأَمر، يُقَال للحب إِذا يبس.
٣ جشي: أَي دقيه.
٤ أمج: اسْم مَوضِع مَاء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، "نِهَايَة".

<<  <   >  >>