للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢- حُكْمٌ فِي الْوَصِيَّةِ يَدْفَعُهُ الْكِتَابُ:

قَالُوا: رَوَيْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ" ١.

وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ٢.

وَالْوَالِدَانِ وَارِثَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَا يَحْجُبُهُمَا أَحَدٌ عَنِ الْمِيرَاثِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ، خِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمَوَارِيثِ.

فَإِنْ قَالَ: وَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ مِنْ نَسْخِهَا، فَإِنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْأَبَوَانِ حَظَّهُمَا مِنَ الْمِيرَاثِ، وَيُعْطَيَا أَيْضًا الْوَصِيَّةَ الَّتِي يُوصَى بِهَا لَهُمَا.

قُلْنَا لَهُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ حَظَّهُمَا مِنْ ذَلِكَ الْمِيرَاثِ، الْمِقْدَارَ الَّذِي نَالَهُمَا بِالْوِرَاثَةِ.

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} ٣.


١ الدَّارمِيّ: وَصَايَا ٢٨.
٢ الْآيَة ١٨٠ سُورَة الْبَقَرَة.
٣ الْآيَة ١٣-١٤ سُورَة النِّسَاء.

<<  <   >  >>