للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي وَقْتِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ، أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي التَّحْرِيمِ.

ثُمَّ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ، وَنَزَلَ فِيهَا تَحْرِيمُ الْمُنْخَنِقَةِ، وَالْمَوْقُوذَةِ، وَالْمُتَرَدِّيَةِ، وَالنَّطِيحَةِ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ.

فَزَادَنَا اللَّهُ تَعَالَى، فِيمَا حَرُمَ بِالْكِتَابِ، وَزَادَنَا فِي ذَلِكَ -عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْرِيمَ سِبَاعِ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ.

وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي الْأَمْنِ، مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ١.

أَعْلَمَنَا أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْنَا فِي قَصْرِنَا مَعَ الْخَوْفِ.

وَأَعْلَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْقَصْرِ فِي الْأَمْنِ أَيْضًا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَكَذَلِكَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} ٢.

وَقَدْ رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ: السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ، وَلَيْسَ الْكِتَابُ بِقَاضٍ عَلَى السُّنَّةِ.

أَرَادَ: أَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ، مُنْبِئَةٌ عَمَّا أَرَادَ الله تَعَالَى فِيهِ.


١ الْآيَة ١٠١ من سُورَة النِّسَاء.
٢ الْآيَة ٦ من سُورَة الْمَائِدَة.

<<  <   >  >>