وَلم تكن هَذِه الْحَقِيقَة مَوضِع خلاف بَين الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم، بل كَانَت من البدهيات الْمُسلم بهَا وَالْمجْمَع عَلَيْهَا نصا وَعَملا.
تدوين السّنة فِي عهد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَلَكِن السّنة لم تدون فِي حَيَاة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خشيَة اختلاطها بِالْقُرْآنِ الْكَرِيم كَمَا هُوَ مَعْرُوف من نهي الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ بَقِي الْأَمر على هَذَا الْحَال فِي عهد الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم إِلَّا من استثناءت خَاصَّة لبَعض الصَّحَابَة المعروفين بعلمهم وضبطهم، فَكَانَت لبَعْضهِم مدوناته فِي السّنة، بِالْإِضَافَة إِلَى أَن مَنْهَج الاستيثاق وضعت معالمه فِي وَقت مبكر حِين جمع كتاب الله تَعَالَى فِي عهد الْخَلِيفَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ ثمَّ فِي عهد عُثْمَان رَضِي عَنهُ، وَكَانَ لَا بُد من شَهَادَة اثْنَيْنِ من الصَّحَابَة على الْأَقَل حَتَّى يتم تدوين الْآيَة فِي موضعهَا من الْقُرْآن الْكَرِيم، وَقد انسحب هَذَا الشَّرْط على قبُول الحَدِيث أَيْضا، فَلم يُقبل حديثٌ من راوٍ مَا لم يتوفر لَهُ شَاهد أَو أَكثر، وَقد تورع كثير من الصَّحَابَة عَن رِوَايَة الحَدِيث مَا لم يَكُونُوا على يَقِين تَامّ مِمَّا ينقلون، حَيْثُ أَن أَمر حفظ السّنة وتناقل رِوَايَات الحَدِيث لم يكن مُشكلا طالما أَن جيل الصَّحَابَة كَانَ مَوْجُودا.