للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَحَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ: هَلْ كَانَ الْغِنَاءُ يَكُونُ فِي الْعُرُسَاتِ؟

قَالَ: قَدْ كَانَ ذَاكَ، وَلَا يَحْضُرُ بِمَا يَحْضُرُ بِهِ الْيَوْمَ مِنَ السَّفَهِ، دَعَانَا أَخْوَالُنَا بَنُو نَبِيطٍ فِي مَدْعَاةٍ لَهُمْ، فَشَهِدَ الْمَدْعَاةَ، حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِذَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ:

انْظُرْ خَلِيلِي بِبَابِ جَلِّقَ هَلْ ... تُونِسُ دُونَ الْبَلْقَاءِ مِنْ أَحَدٍ

فَبَكَى حَسَّانُ وَهُوَ مَكْفُوفٌ وَجَعَلَ يَوْمِي إِلَيْهِمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ زِيدَا، فَلَا أَدْرِي مَاذَا يُعْجِبُهُ مِنْ أَنْ يُبْكِيَا أَبَاهُ.

حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: كَانَ طُوَيْسٌ١ يَتَغَنَّى فِي عُرْسٍ، فَدَخَلَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ الْعُرْسَ٢، وَطُوَيْسٌ يَقُولُ:

أَجَدَّ بِعَمْرَةَ غُنْيَانُهَا٣ ... فَتَهْجُرَ أَمْ شَأْنُنَا شَأْنُهَا

وَعَمْرَةُ أُمُّ النُّعْمَانِ فَقِيلَ لَهُ: اسْكُتِ اسْكُتْ.

فَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا، إِنَّمَا قَالَ:

وَعَمْرَةُ مِنْ سَرَوَاتِ٤ النِّسَا ... ء تنفح٥ بالمسك أردانها


١ طويس: مخنث كانك يُسمى طاووسًا، فَلَمَّا تخنث أسمي بطويس، وَهُوَ أول من غنى بِالْإِسْلَامِ، وَيُقَال: أشأم من طويس، فقد كَانَ يَقُول: إِن أُمِّي كَانَت تمشي بالتمائم بَين نسَاء الْأَنْصَار ثمَّ ولدتني فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، وفطمتني يَوْم مَاتَ أَبُو بكر، وَبَلغت الْحلم يَوْم مَاتَ عمر، وَتَزَوَّجت يَوْم قتل عُثْمَان، وَولد لي يَوْم قتل عَليّ، فَمن مثلي؟!
٢ النُّعْمَان بن بشير بن سعد الْأنْصَارِيّ الخزرجي، وَهُوَ وَأَبوهُ صحابيان، كَانَ أول مَوْلُود فِي الْإِسْلَام من الْأَنْصَار بعد الْهِجْرَة، اسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة على الْكُوفَة، وَكَانَ أول مَوْلُود مفوهًا، ثمَّ دا النُّعْمَان إِلَى ابْن الزبير، ثمَّ دَعَا إِلَى نَفسه، فواقعه مَرْوَان بن الحكم فَقتل النُّعْمَان سنة ٦٥هـ.
٣ أَي استفتاؤها.
٤ سروات: سيدان.
٥ تنفح: تهدي وَتُعْطِي.

<<  <   >  >>