للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَقِّعُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيُصْلِحُ خُفَّهُ، وَيَمْهُنُ أَهْلَهُ، وَيَأْكُلُ بِالْأَرْضِ، وَيَقُولُ: "إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ"١، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

وَكَانَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ -وَقَدْ آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْمُلْكِ، مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ- يَلْبَسُ الصُّوفَ وَيَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ، وَيُطْعِمُ النَّاسَ صُنُوفَ الطَّعَامِ.

وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ مَنْ شَعَرٍ، أَوْ صُوفٍ، وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ، فَقِيلَ لَهُ {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} ٢.

وَكَانَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْتَبِلُ بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ.

وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ نُحْصِيَهُ، وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ نُطِيلَ الْكِتَابَ بِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْعَجَبُ مِنَ الشَّاةِ، فَإِنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ الْأَنْعَامِ.

وَقَرَأْتُ فِي مُنَاجَاةِ عُزَيْرٍ رَبَّهُ أَنَّهُ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ اخْتَرْتَ مِنَ الْأَنْعَامِ الضَّائِنَةَ٣، وَمِنَ الطَّيْرِ الْحَمَامَةَ، وَمِنَ النَّبَاتِ الْحُبْلَةَ٤، وَمِنَ الْبُيُوتِ بَكَّةَ "وَإِيلْيَاءَ" وَمِنْ "إِيلْيَاءَ" بَيْتَ الْمَقْدِسِ".

وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الْأُسُودِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ دَابَّةً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنَ النَّعْجَةِ".

فَمَا يُعْجَبُ مِنْ أَكْلِ الشَّاةِ تِلْكَ الصَّحِيفَةَ.

وَهَذَا الْفَأْرُ شَرُّ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ، يَقْرِضُ الْمَصَاحِفَ، وَيَبُولُ عَلَيْهَا، وَهَذَا العث يأكلها.


١ أخرجه الألباني فِي ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير برقم ٢٠٥٢ عَن أنس، وَفِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة برقم ٣٢١٩.
٢ الْآيَة: ١٢ من سُورَة طه.
٣ الضائنة: خلاف الماعز من الْغنم.
٤ الحبلة: بِضَم الْحَاء: الْكَرم، وَالْحَبل: شجر الْعِنَب.

<<  <   >  >>