للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٥٤- قَالُوا: حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ النَّظَرُ- كَسْبُ الْإِمَاءِ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَن مُحَمَّد بن حمادة، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْإِمَاءِ" ١.

قَالُوا: وَكَسْبُ الْإِمَاءِ حَلَالٌ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا آجَرَ أَمَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ، فَعَمِلَا لَمْ يَكُنْ مَا كَسَبَا حَرَامًا بِإِجْمَاعِ النَّاسِ، فَكَيْفَ يَنْهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ الْكَسْبَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَجْرُ الْبِغَاءِ٢، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْمُرُونَ إِمَاءَهُمْ بِالْبِغَاءِ، وَيَأْخُذُونَ أُجُورَهُنَّ وَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ إِمَاءٌ يُسَاعِينَ٣، وَهُوَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ سَيِّدُ تَيْمٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ٤.

وَنَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الزَّمَّارَةِ٥، وَهِيَ الزَّانِيَةُ، يَعْنِي هَذِهِ الْأَمَةَ الَّتِي يَغْتَلُّهَا٦ سَيِّدهَا.


١ رَوَاهُ البُخَارِيّ: إِجَارَة ٢٠، وَأَبُو دَاوُد: ببوع ٣٩، والدرامي: بيُوت ٧٨، وَأحمد: ٢/ ٣٨٢ و٤٣٨.
٢ الْبغاء: الزِّنَا.
٣ يساعين: من المساعاة أَي الزِّنَا، وَلَا مساعاة فِي الْإِسْلَام.
٤ الْآيَة: ٣٣ من سُورَة النُّور.
٥ الزمارة: رُبمَا كَانَ من الزمير: وَهُوَ الْغناء، أَو من الزمر: وَهِي الْإِشَارَة بِالْعينِ أَو الْحَاجِب أَو الشّفة، والزواني يفعلن ذَلِك.
٦ أَي: تَأتيه بالغلة وَهِي أُجْرَة بغائها.

<<  <   >  >>