للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟

قَالَ: هُمَا كَالْمَلَكَيْنِ الْمُخْتَصِمَيْنِ إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا ظَالِمٌ، إِنَّمَا أَرَادَا أَنْ يُعَرِّفَاهُ خَطَأَهُ وَظُلْمَهُ.

كَذَلِكَ أَرَادَ هَذَانِ، أَنْ يُعَرِّفَا أَبَا بَكْرٍ خَطَأَهُ وَظُلْمَهُ.

وَمِمَّا يَعُدُّهُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ مِنْ خَطَئِهِ، قَوْلُهُ: إِنَّ حَصَاةً يَقْلِبُهَا اللَّهُ جَبَلًا فِي رَزَانَتِهِ وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ، فَتُطَبِّقُ مِنَ الْأَرْضِ فَرْسَخًا، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تُطَبِّقُ أُصْبُعًا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا عَرَضًا أَوْ جِسْمًا أَوْ يَنْتَقِصَ مِنْهَا عَرَضًا أَوْ جِسْمًا.

ثُمَامَةُ:

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ نَصِيرُ إِلَى "ثُمَامَةَ"١ فَنَجِدُهُ مِنْ رِقَّةِ الدِّينِ، وَتَنَقُّصِ الْإِسْلَامِ، وَالْاسْتِهْزَاءِ بِهِ، وَإِرْسَالِهِ لِسَانَهُ عَلَى مَا لَا يَكُونُ عَلَى مِثْلِهِ رَجُلٌ يَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُؤْمِنُ بِهِ.

وَمِنَ الْمَحْفُوظِ عَنْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يتعادَوْن يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ، لِخَوْفِهِمْ فَوْتَ الصَّلَاةِ.

فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى الْبَقَرِ، انْظُرُوا إِلَى الْحَمِيرِ.

ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ: مَا صَنَعَ هَذَا الْعَرَبِيُّ٢ بِالنَّاسِ؟

مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ الْبَرْمَكِيُّ:

ثُمَّ نَصِيرُ إِلَى "مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ الْبَرْمَكِيِّ" فَنَجِدُ مُصْحَفَهُ كُتُب أَرُسْتَطَالِيسَ فِي الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ وَالْكِيَانِ، وَحُدُودِ الْمنطق بهَا، يقطع دهره،


١ ثُمَامَة بن أَشْرَس النميري، من كبار الْمُعْتَزلَة، وَأحد الفصحاء والبلغاء المقدمين، كَانَ لَهُ اتِّصَال بالرشيد ثمَّ بالمأمون، وعدَّهُ المقريرزي فِي رُؤَسَاء الْفرق الهالكة، وَأَتْبَاعه يسمون "الثَّمَانِية" نِسْبَة إِلَيْهِ توفّي ٢١٣هـ.
٢ وَفِي نُسْخَة: الْقرشِي.

<<  <   >  >>