للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: "مَنْ يَذْبَحُ لِلْقَوْمِ شَاةً أُزَوِّجُهُ أَوَّلَ بِنْتٍ تُولَدُ لِي" فَفَعَلَ ذَلِك رجل، فَقَضَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنَّ لَهَا مَهْرَ نِسَائِهَا.

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَذَا قَضَاءُ الشَّيْطَانِ.

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَلْهَجَ١ بِذِكْرِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وتنقصهم٢ والبعث عَلَى قَبِيحِ أَقَاوِيلِهِمْ، وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا، مِنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ رَاهَوَيْهِ٣.

وَكَانَ يَقُولُ: نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَنَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَزِمُوا الْقِيَاسَ.

اسْتِدْرَاكَاتُ ابْنِ رَاهَوَيْهِ عَلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ:

وَكَانَ يُعَدِّدُ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَامَ جَالِسًا، وَاسْتَثْقَلَ فِي نَوْمِهِ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ.

ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، مُنْتَقَضُ الطَّهَارَةِ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ.

عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَصْلٌ، فَيُحْتَجُّ بِهِ فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ.

وَفِي النَّوْمِ غَيْرُ حَدِيثٍ -مِنْهَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ. فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ انْفَتح الوكاء" ٤.


١ وَفِي رِوَايَة: أبهج.
٢ وَفِي رِوَايَة: ببغضهم.
٣ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْن رَاهَوَيْه، عَالم خُرَاسَان فِي عصره من سكان مرو ولد عَام ١٦١هـ، وَهُوَ أحد كبار الْحفاظ، طَاف الْبِلَاد لجمع الحَدِيث وَأخذ عَنهُ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهم. وَكَانَ إِسْحَاق ثِقَة فِي الحَدِيث. قَالَ الدَّارمِيّ: سَاد إِسْحَاق أهل الْمشرق وَالْمغْرب بصدقه. وَقَالَ فِيهِ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: اجْتمع لَهُ الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْحِفْظ والصدق والورع والزهد، ورحل إِلَى الْعرَاق والحجاز وَالشَّام واليمن وَله تصانيف، استوطن نيسابور وَتُوفِّي بهَا عَام ٢٣٨هـ.
٤ أخرجه الدَّارمِيّ: وضوء ٤٨، وَقد ورد فِي جَامع الْأَحَادِيث للسيوطي حَدِيث برقم ٢٣١٩٥ "من نَام وَهُوَ جَالس فَلَا وضوء عَلَيْهِ، فَإِذا وضع جنبه فَعَلَيهِ الْوضُوء ". وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن الْكُبْرَى، وَإِسْنَاده حسن/ انْظُر صَحِيح الْجَامِع رقم ٤١٤٨، وَله شَاهد صَحِيح من حَدِيث عَليّ عِنْد أَحْمد وَابْن ماجة بِلَفْظ: "الْعين وكاء السه فَمن نَام فليتوطأ ".

<<  <   >  >>