للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} أَيْ: بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ فَقَتَلَ.

{فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيم} . قَالُوا: يُقْتَلُ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا أُعَافِي أَحَدًا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ"١.

وَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْقُرْآنِ لَا عُذْرَ فِيهِ، وَلَا عُذْرَ فِي مُخَالَفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ.

فَأَمَّا الرَّأْيُ فِي الْفُرُوعِ، فَأَخَفُّ أَمْرًا، وَإِنْ كَانَ مَخَارِجُ أُصُولِ الْأَحْكَامِ، وَمَخَارِجُ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ، عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَتَقْدِيرِ الْعُقُولِ.

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: حَدَّثَنِي الزِّيَادِيُّ٢ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى٣ بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ٤ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ٥، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كرم الله وَجهه: "مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَعْلَى الْقَدَمِ أَحَقُّ بِالْمَسْحِ مِنْ بَاطِنِهَا، حَتَّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى أَعْلَى قَدَمَيْهِ"٦.

وَحَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ زُفَرَ٧ بن هُذَيْل يَقُول


١ ورد فِي ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير برقم ٦١٨٦، وَفِي تَخْرِيج الْمشكاة ٣٤٧٩ وسلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة للألباني برقم ٤٧٦٧ وَأخرجه الطَّيَالِسِيّ عَن جَابر.
٢ الزيَادي: عبد الله ابْن أبي إِسْحَاق الزيَادي الْحَضْرَمِيّ، نحوي من الموَالِي من أهل الْبَصْرَة، ولد عَام ٢٩هـ فرّع النَّحْو وقاسه وَكَانَ أعلم الْبَصرِيين بِهِ توفّي عَام ١١٧هـ.
٣ عِيسَى بن يُونُس بن عَمْرو السبيعِي الْهَمدَانِي، أَبُو عَمْرو. مُحدث ثِقَة كثير الْغَزْو للروم، من بَيت علم وَحَدِيث. ولد بِالْكُوفَةِ وَسكن الْحَدث "بِقرب بيروت" مرابطًا، وَكَانَ يَغْزُو عَاما ويحج عَاما توفّي عَام ١٨٧هـ.
٤ الْأَعْمَش: هُوَ سُلَيْمَان بن مهْرَان الْكَاهِلِي وَلَاء أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي أحد الْأَعْلَام الْحفاظ والقراء رأى من الصَّحَابَة أنسا قَالَ عَمْرو بن عَليّ: كَانَ يُسمى الْمُصحف لصدقه، وَكَانَ فصيحًا ثِقَة ثبتًا. توفّي سنة ١٤٨هـ.
٥ أَبُو إِسْحَاق: هُوَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ولد فِي الْكُوفَة وَقدم دمشق ورحل إِلَى بَغْدَاد فَأكْرمه الرشيد وأجله. كَانَ من الْعلمَاء العاملين، عَاشَ مرابطًا بثغر المصيصة وَمَات بهَا سنة ١٨٨هـ.
٦ أخرجه أَبُو دَاوُد: طَهَارَة ٦٣، والدارمي: وضوء ٤٣، وَأحمد ١/ ٩٥ و١١٤ و١٢٤ و١٤٨.
٧ زفر بن الْهُذيْل بن قيس الْعَنْبَري، من تَمِيم، أَبُو الْهُذيْل: فَقِيه كَبِير من أَصْحَاب الإِمَام أبي حنيفَة أَصله من أَصْبَهَان. أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ وَولي قضاءها ولد عَام ١١٠هـ فِي أَصْبَهَان وَتُوفِّي بِالْبَصْرَةِ عَام ١٥٨هـ، وَهُوَ أحد الْعشْرَة الَّذين دوَّنوا الْكتب جمع بَين الْعلم وَالْعِبَادَة. وَكَانَ من أَصْحَاب الحَدِيث، غلب عَلَيْهِ الرَّأْي وَهُوَ قِيَاس الْحَنَفِيَّة، وَكَانَ يَقُول نَحن لَا نَأْخُذ بِالرَّأْيِ مَا وجد أثر، وَإِذا جَاءَ الْأَثر تركنَا الرَّأْي.

<<  <   >  >>