للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الخليل بالركض المعار١

ولو أخذنا بظاهر العبارة، دل البيت على وجود كتاب عند بني تميم، قد يكون صحيفة وقد يكون كتابًا مؤلفًا من صفحات. ولو أخذنا بالتأويل وقلنا معناه: وجدنا هذه اللفظة مكتوبًا، أن أحق الخيل بالركض المعار، انتفى وجود كتاب لديهم٢. وقد نسب هذا البيت إلى "الطرماح بن حكيم"، وهو شاعر إسلامي. وإذا صح أن هذا البيت هو من شعر الطرماح، جاز أخذ لفظة "كتاب" بالمعنى الحقيقي، إذ كانت الكتب معروفة في هذا الوقت.

وجاء في كتاب "إمتاع الأسماع"، أن الرسول "كتب هذه السنة المعاقل والديات، وكانت معلقة بسيفه"٣. وأشار الطبري إلى هذه الصحيفة بقوله: "وقيل: إن هذه السنة كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المعاقل فكان معلّقًَا بسيفه"٤، والسنة المشار إليها هي السنة الثانية من الهجرة. والخبر أشبه ما يكون بخبر "الصحيفة" المنسوبة إلى "علي بن أبي طالب"، فقد ورد في "صحيح البخاري": "عن أبي جحيفة، قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله، أو فَهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر". وورد أنها "كانت معلقة بقبضة سيفه. إما احتياطًا أو استحضارًا", وورد "فأخرج كتابًا من قراب سيفه"٥. ويكاد يكون الخبر واحدًا، فالصحيفة صحيفة المعاقل والديات، وموضعها في الخبرين السيف، معلقة به، أو في قرابه. ويظهر من روايات أخرى أن فيها أحاديث عن الرسول: مثل: المدينة حرام ما بين عاثر إلى كذا، فمن أحدث حدثًا أو آوى محدثًا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس


١ المفضليات "٩٨"، الموشح "١٧٩"، تاج العروس "٣/ ٤٣٤"، "عبر".
٢ "فمعناه وجدنا هذه اللفظة مكتوبة"، المرزباني، الموشح "١٧٩".
٣ المقريزي، إمتاع الأسماع "١: ١٠٧".
٤ الطبري "٢/ ٤٨٦".
٥ إرشاد الساري "١/ ٢٠٣ ومابعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>