للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد احترف اليهود الحدادة والصياغة والنجارة في الحجاز، وتكسبوا منها، ورآهم الجاهليون، وهم يعملون بآلاتهم، فتعلموا منهم أسماء الآلات المذكورة وغيرها، واستعملوهاعلى النحو المذكور.

ويلاحظ أن الباحثين في المعربات من المستشرقين والشرقيين، رجعوا أصول ألفاظ يهودية إلى السريانية، وهي يهودية في الأصل، وقد أخذتها السريانية من العبرانية بواسطة النصرانية، بدليل ورودها في اليهودية قبل ظهور النصرانية بزمن.

أما المجوسية، ديانة الفرس، فلم نترك أثرًا يذكر في العربية من ناحية المعربات ذات المعاني الدينية، لقلة اتصال العرب بها، وعدم اهتمام المجوس بنشر دينهم، وقلة عددهم في جزيرة العرب. ولهذا كانت أكثر الألفاظ الدينية التي عرفها الجاهليون، قد دخلت فيهم من اليهودية والنصرانية، بسبب اتصال اليهودية والنصرانية بالجاهليين اتصالًا مباشرًا.

ولفظة "المجوسية" نفسها هي من الألفاظ المعربة، فهي من أصل Magush في الفارسية القديمة، Mugh في الفارسية الحديثة، و Maghos في اليونانية، وقد انتقلت من الإرمية إلى العربية١. وفي الحديث: "كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يمجسانه -أي: يعلمانه دين المجوسية"٢. وذكر أن اللفظة قد وردت في بيت شعر جاهلي هو:

أحار أريكَ برقًا هبَّ وهنًا ... كنار مجوس تستعر استعارا

يقال: إن صدر البيت لامرئ القيس وعجزه للتوأم اليشكري، "قال أبو عمرو بن العلاء: كان امرؤ القيس مِعَنّا عريضًا ينازع كل من قال: إنه شاعر، فنازع التوأم اليشكري، فقال له: إن كنت شاعرًا فملّط أنصاف ما أقول وأجِزها، فقال: نعم، فقال امرؤ القيس:

أصاح أرك برقًا هب وهنًا

فقال التوأم:

كنار مجوس تستعر استعارا


١ Shorter Ency., P. ٢٩٨ غرائب اللغة "٢٦٩".
٢ تاج العروس "٤/ ٢٤٥"، "مجس".

<<  <  ج: ص:  >  >>