إن من سنة الله سبحانه وتعالى في حالات اللجوء إليه، وعند انقطاع الأمل من الأسباب ومن سائر المخلوقات أن يستجيب إن شاء الله لعباده الذين أخلصوا له الدين والتوجه بغض النظر عن سابق حالاتهم يقول تعالى:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل: ٦٢] .
وما حدث لفرعون يمثل طغيان الإنسان وعنوه وجبروته في حالة الرخاء، وضعفه واستكانته وذلته عند الشدة وانعدام ما يتشبث به من أسباب النجاة ومقومات السلامة.
لقد أصبح من الموت قاب قوسين أو أدنى: وفقد أي أمل في النجاة من الغرق فاستسلم. ولكن سنة الله جرت في العالمين أن:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}[النساء: ١٨] .
لذا لم تنفعه توبته هذه وكان التعقيب القرآني على نهايته {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس: ٩١] .
الدليل الثاني: تطلع الفطرة إلى الكمال
إن من الصفات الأساسية في الغريزة الإنسانية الميل إلى جانب الكمال والسعي إليه في جميع الصفات التي تتصف بها، وتهرب من النقص والاتصاف به.
ولكل صفة من هذه الصفات كمالها النسبي ويتمثل في الصفوة المختارة من البشر وهم أنبياء الله ورسله إلى البشرية. أما الكمال المطلق في كل الصفات فهو من شأن الخالق سبحانه وتعالى.