للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعز على المهدي أن يختتم هذه الصورة العجيبة إلا بإبراز الوجه الحقيقي له، لتهون أمام هذا المنظر كل أفعاله السابقة، فقد أظهر من الخلاعة والمجون ما لم يخطر ببال غيره، فباختصار لقد كان المهدي رجلاً فاسداً مختل الدين والعقل (١). هذه الأفعال المشينة للمهدي بالإضافة لسيرته الأخلاقية المتدنية، وحدت القوى المعارضة، وجعلتها تقف أمامه في صف واحد، ولعل أول من وقف ضده من تلك القوى، هي تلك الفئة التي أسقطها المهدي من ديوانه، بالإضافة إلى العبيد العامريين، فنصبوا عليهم هشام بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر ولقبوه بـ"الرشيد" (٢) وفشل المهدي في ثني الرشيد عن تمرده، بالرغم من إطلاقه لسراح ولده سليمان (٣)، فقد تقدم الرشيد ومن معه فهاجموا أحد أسواق قرطبة وأحرقوه (٤)، إلا أن أنصاره خذلوه عندما رأوا قيام العامة مع المهدي،


(١) - انظر: المصدر السابق، ٣/ ٨٠. إن من أشد المصائب أن تبتلى الأمة بولي أمر فاسد فهو لن يقودها إلا إلى الدمار. فماذا سيجد من كان الغراب دليله؟
(٢) - البيان المغرب ٣/ ٥١.
(٣) - انظر: البيان المغرب ٣/ ٧٩. نهاية الأرب ٢٣/ ٤١٩.
(٤) - ورد في البيان المغرب ٣/ ٨٠ أن الرشيد هاجم سوق السرادق، بينما ورد لدى النويري أنه هاجم سوق السراجين، نهاية الأرب ٢٣/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>